كل قرار يتخذه مدير أو قائد يكون له تأثير على مستقبل مؤسسته، إذ يعرف المديرون المتمرسون كيف يتخذون القرارات، حتى لو تم ذلك تحت الضغط في بعض الأحيان. ولكن ماذا لو كنت جديداً في مجال الإدارة، أو كنتَ تقود فريقاً أو تدير قسماً لأول مرة: كيف تتخذ إذاً أفضل القرارات الممكنة لتحقيق النجاح؟
من الشائع أن يغفل المديرون وأعضاء الفريق عن الأهداف المرجوة من القرارات والغرض منها، وذلك في أثناء محاولتهم التوصل إلى قرار أو حلٍ لمشكلة ما. قبل أي شيء آخر، احرص على تحديد الأهداف التي تعمل على تحقيقها، وتذكرها عند العمل على مهمة أو مشروع ما.
أحد أفضل القرارات التي يمكنك اتخاذها هو التأكد من تحديد الأهداف مع فريقك، إذ يساعد هذا على زيادة التزامهم واندماجهم في العمل. سيختبر فريقك زيادة الحافز من خلال انخراطهم في العمل، وسيساعدهم ذلك على فهم كيفية تأثير مساهماتهم على كل من المشروع والأهداف التنظيمية الأكبر.
وكيلا تَضيع أهداف القرارات في زحمة العمل، يبقى من الهام إعادة النظر والتفكير باستمرار في الأهداف الأصلية، لا سيما عند العمل في مشاريع كبيرة أو معقدة.
اتخاذ القرارات هو عملية تقوم على الانتقاء من بين عدد من الخيارات، ثم الالتزام بها في المستقبل، لذلك سيكون من الحكمة للمديرين الجدد تبني عملية منطقية ومنظمة في اتخاذ القرارات.
ذلك بالغ الأهمية للقرارات الأكثر تعقيداً أو الهامة، والتي من الأفضل اتخاذها بعد القيام بسلسلة من الخطوات. فهم هذه العملية أمر ضروري لاتخاذ قرارات جيدة، وخاصة عندما يكون تأثير الموارد مرتفعاً، أو عندما تكون الآثار المترتبة على النتائج هامة.
يتكون النهج العقلاني من سلسلة من الخطوات المنظمة، والمصممة للتطوير العقلاني للحل المطلوب. وبالنسبة للمديرين الجدد، تتمثل الفائدة الرئيسية للنموذج العقلاني لاتخاذ القرارات في أنَّه يوفر هيكلية وانضباطاً في عملية اتخاذ القرارات، ويساعد في ضمان مراعاة كامل العوامل ذات الصلة بالقرارات بطريقة منطقية وشاملة.
أحد الافتراضات الأساسية للعملية العقلانية لاتخاذ القرارات هو أنَّ البشر يتخذون قرارات عقلانية. ومع ذلك، غالباً ما تكون هناك مجموعة واسعة من العوامل التي تحدد قراراتنا، وكثير منها لا يكون عقلانياً، ففي كثير من الحالات، يتعين علينا اتخاذ القرارات وفق معلومات منقوصة أو غير كافية، وفي هذا السياق، من المفيد فهم منهجيات صنع القرارات البديهية.
يتناقض التفكير حول كيفية اتخاذ الناس قرارات عقلانية مع عملية صنع القرارات التي تكون أقل تنظيماً، والتي تركز بشكل أكبر على المشاعر والتصورات والأحكام، بدلاً من الحقائق والتحليلات.
تشير قاعدة بحثية ناشئة في العلوم السلوكية إلى أنَّ اتخاذ القرار البديهي أكثر انتشاراً مما كنا نعتقد، كما أنَّ الخلاصة الأساسية المستمدة من علم الاقتصاد السلوكي هي أنَّ السلوكيات لا تسترشد بمنطق خالص، إذ لا يقوم البشر بتحليل إيجابيات وسلبيات كل إجراء، حيث يتم التحكم بأفعالنا من خلال مزيج معقد من العاطفة والغريزة والتأثيرات الاجتماعية، والدماغ البشري.
ومع ذلك، يجب على المديرين الجدد أن يتعاملوا بحذر قبل أن يثقوا كثيراً في حدسهم. لذا تأكد من أن تمعن التفكير في العوامل الحاسمة الأخرى، مثل أسلوب اتخاذ القرارات ونوع القرارات التي يتعين عليك اتخاذها.
قد يكون من المغري استخدام حكمك أو قراراتك المبنية على الخبرات السابقة أو الحدس في عملية اتخاذ القرارات. ولكن في حين أنَّ للقرارات المبنية على الغريزة مزاياها الخاصة، فإنَّ الخبرات التي تكون قد اكتسبتها في أثناء العمل في مؤسسات أخرى قد لا تنطبق بالضرورة على الموقف الذي تواجهه.
تستخدم الإدارة المبنية على الدلائل الأدلةَ العلمية لاتخاذ القرارات، وذلك إن لم تكن كثير الثقة في غرائزك.
فيما يلي بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لدمج الدلائل في عملية اتخاذ القرار:
لا يعتمد المدير الجيد على آرائه فقط، إذ إنَّ طلب المعلومات والآراء من الزملاء وأعضاء الفريق ليس علامة على ضعف الإدارة، بل هو علامة على النضج والاستعداد للتعلم، لذا كن منفتح الذهن واطلب المساعدة والمشورة أينما وجدت ذلك مناسباً. ولا تنس أنَّ طرح الأسئلة الصحيحة هو أفضل أداة إدارية يمكنك استخدامها.
فإذا كنت ترغب في استشارة الآخرين حول مشكلة ما، تأكد من دراستها من جميع النواحي قبل التحدث إلى أشخاص آخرين، فعند قيامك بهذا تتجنب أن تكون مقيداً بأفكارهم واقتراحاتهم. وما إن تفهم المشكلة تماماً، اعرضها على الآخرين لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إضافة المزيد إلى الحل.
شجع على مشاركة المعلومات داخل فريقك وفي شركتك، وأوجد جو عمل يشجع على المحادثات البناءة، بحيث يمكن لأعضاء فريقك التعبير عن أفكارهم بحرية. إحدى طرائق القيام بذلك هي التأكد من تنظيم اجتماعات فريقك وإدارتها بشكل جيد، إذ يمكن أن يساعدك هذا في اتخاذ القرارات الصحيحة، ولكنَّه يزيد أيضاً الرضا الوظيفي ويرفع الروح المعنوية ويعزز العمل الجماعي الأكثر فاعلية.
لتعزيز بيئة المحادثات المفتوحة، يجب أن يشعر الموظفون وأعضاء الفريق بالراحة عند العمل بشكل تعاوني وعند مشاركة آرائهم مع الآخرين.
وفقاً لتقرير إدارة الأفراد لعام 2019، فإنَّ المديرين الذين يؤسسون بوعي للسلامة النفسية يكونون أقل عرضة إلى التسرب الوظيفي ضمن فرقهم، حيث تحافظ البيئة الآمنة نفسياً على أصحاب الأداء المتميز، لذا إليك كيف يمكن لمديري الموارد البشرية في الشركات الصغيرة تعزيز السلامة النفسية:
سيؤدي ذلك إلى تعزيز المشاركة والالتزام، لذا جرب استخدام الأسئلة المفتوحة للتأكد من أنَّك تصغي إلى ما يريدون قوله، أي لغة خطاب مثل: “ما أسمعك تقوله هو كذا وكذا. هل فهمتك بطريقة صحيحة؟”.
هذا يدل على أنَّك ترغب بفهم وجهات نظرهم، ويمنح الآخرين الفرصة لتوضيح أي شيء كنت قد أسأت فهمه.
باختصار، يعد تحسين مهاراتك في اتخاذ القرارات أداة هامة إذا كنت ترغب بتعزيز حياتك المهنية كمدير، إذ تقدر المنظمات الناجحة الموظفين الذين يتخذون قرارات جيدة بناءً على: الحكم السليم، واستخدام العمليات والبيانات والدلائل المناسبة، مع الترحيب بالمدخلات من المصادر المناسبة.
مقالات ذات صلة