لطالما نظر كبار التنفيذيين إلى جيل الشباب الواعد بعين الريبة والقلق، ظانين أنهم دخلاء على عالم الأعمال الجامد، فسمعنا الكثير من “ليسوا مثلنا” و”يجب أن يتشبهوا بنا”، بدلاً من محاولة فهم تطلعاتهم واحتياجاتهم، فأُجريت الدراسات لفهم سبب تمردهم، وكيف نضمن ولاءهم في ظل اختلاف توقعات أجيال الأمس واليوم، حان الوقت لنتخطى الفجوة الجيلية، فنرحب بعقول الشباب الجامحة، ونفتح الآفاق لإبداعاتهم بدلاً من قمع طاقاتهم، فالاختلاف ليس عيباً، بل هو التوازن الذي يحقق التكامل ويصقل النجاح.
لا ينحصر جيل الألفية في المراهقين المدمنين على الهواتف، فهم الآن في الثلاثينات، بعضهم مع عائلات، والبعض الآخر يقودون شاحنات وسيارات، ظهر هذا الجيل الفريد ما بين 1977 و1981، وهو بالتأكيد ليس متجانسًا بل متنوع الدوافع والتطلعات وأساليب العمل، رغم ذلك ما زال يُنظر إليهم من منظور الصور النمطية الخاطئة فمن السهل ملاحظة بعض أوجه التشابه بينهم، لكنها في الواقع غير قاطعة، يتعرض هذا الجيل للكثير من الأحكام المسبقة الخاطئة المتناقضة أحيانًا. سنكشف هنا بعضًا من الخرافات الشائعة وسبب زيفها ما يأتي:
يُنظر إلى جيل الألفية على أنهم أكثر عرضة لتغيير الوظائف مقارنة بالأجيال السابقة.
فالإحصائيات تشير إلى أنهم يغيرون وظائفهم بمعدل أعلى، ويتوقعون البقاء في نفس الوظيفة لفترة أقصر، لكن دراسات أخرى تشير إلى أنهم في الواقع يميلون للبقاء مع أرباب العمل لفترة أطول في بداياتهم المهنية مقارنةً بالأجيال السابقة، لذا من الخطأ الحكم المسبق بأن جيل الألفية ميال لترك الوظائف بشكل متكرر. فالصورة أكثر تعقيدًا وتتطلب النظر إلى ظروف ودوافع كل فرد.
وجد انطباع خاطئ بأن جيل الألفية يفتقر إلى أخلاقيات العمل، لكن هذا غير صحيح في الواقع يواجه هذا الجيل سوق عمل تنافسية للغاية، لذلك هم مضطرون للعمل بجد من أجل الحصول على وظيفة والمحافظة عليها.
لا ينبغي الخلط بين رغبة جيل الألفية في العمل بكفاءة وبين عدم وجود أخلاقيات العمل لديهم. فهم يؤمنون بأهمية العمل الجاد المنتج، ولكنهم يركزون على الإنتاجية وليس مجرد ساعات العمل، هدفهم هو إتمام المهام بشكل ممتاز في أسرع وقت ممكن، حتى يتمكنوا من تحقيق التوازن مع حياتهم الشخصية.
اقرأ أيضًا: ما لصعوبات التي يواجهها الخريجين في سوق العمل
لمواجهة الصورة النمطية بعدم وجود أخلاقيات العمل لدى جيل الألفية، ينبغي على أرباب العمل إنشاء بيئة عمل مرنة تراعي أولويات هذا الجيل.
فبالنسبة لهم، الوقت أهم من المال. لذا من المفيد تقديم ساعات عمل مرنة وربما إجازات غير محدودة.
فهم يفضلون العمل بكفاءة في أوقات محددة بدلاً من ساعات طويلة كما أن طبيعتهم التعاونية تجعلهم أقل عرضة لإساءة استخدام مثل هذه المزايا، إن بناء ثقافة عمل قائمة على المرونة والثقة ستمكّن جيل الألفية من تحقيق التوازن بين العمل والحياة، مما يزيد إنتاجيتهم.
لذلك بدلاً من اعتبارهم كسالى أو غير ملتزمين، ينبغي تقدير كفاءتهم وعدم إضاعة وقتهم في العمل، فهذا ما سيشعرهم بالرضا ويحفزهم للإنجاز، إنّ جيل الألفية موظفون منتجون بطريقتهم الخاصة.
يُنظر أحيانًا إلى جيل الألفية على أنهم غير محفزين، وهذا مفهوم خاطئ، فقد رأى هذا الجيل والديهم يعملون ساعات طويلة مقابل ترقيات وعلاوات ضئيلة، لذلك هم يبحثون عن مسار مهني مختلف.
لا يعني شعورهم بالملل من المهام المتكررة عدم وجود الحافز لديهم، بل إنهم بحاجة لتحديات وتنوع لإثارة اهتمامهم لذا على أرباب العمل تزويدهم بمهام متجددة وهيكل واضح، بدلاً من مجرد الوعود المستقبلية غير المؤكدة فجيل الألفية محفز بطريقته الخاصة ويحتاج إلى نهج مختلف في التحفيز يركز على التنوع والتطور الوظيفي.
يميل جيل الألفية إلى تفضيل القادة الذين يتبنون أسلوب التوجيه والإرشاد بدلاً من الأوامر التسلطية. فبدلاً من التركيز على السلطة التنظيمية، على المدراء بناء علاقات شخصية مهنية مع فرق العمل من جيل الألفية.
من خلال تقديم النصح والتوجيه المستمرين، ومشاركة الرؤى والخبرات، وإظهار القدوة الحسنة، يمكن للمدراء كسب احترام وثقة هذا الجيل الطموح. فالقيادة التشاركية القائمة على التفاهم تجذب المواهب وتعزز الولاء أكثر من الأسلوب المستبد. وبذلك تتحقق أهداف المنظمة بفعالية أكبر.
اقرأ أيضًا: نماذج للموارد البشرية يجب ان يعرفها كل مديرو الاموارد البشرية
عند إدارة الموظفين من جيل الألفية، من المهم تجنب النظرة النمطية والأحكام المسبقة بناءً على الأجيال، فكل شخص فريد من نوعه بغض النظر عن عمره بالتأكيد قد تكون هناك اتجاهات وخصائص عامة تميز كل جيل لكن ينبغي معاملة كل موظف كفرد وتلبية احتياجاته الفريدة فالتركيز على الشخص أكثر من الفئة العمرية هو مفتاح جذب المواهب وإطلاق إمكاناتها بغض النظر عن الجيل.
وعلى المدراء أيضاً مراجعة تحيزاتهم الخاصة عند إصدار الأحكام فالنظرة الشمولية وتقدير كل فرد كمورد بشري قيّم هي السبيل لإدارة فعالة تحقق أهداف المنظمة.
يشكل جيل الألفية (المواليد بين عامي 1981 و1996) نسبة كبيرة من القوى العاملة الحالية. وبالتالي أصبح فهم خصائص ودوافع هذا الجيل أمرًا حاسمًا لنجاح المنظمات. في الوقت ذاته، لا بد من مراعاة احتياجات الأجيال الأخرى في مكان العمل لضمان التناغم. وفيما يلي بعض الأسئلة الشائعة حول إدارة جيل الألفية بفعالية:
يعد إنشاء بيئة عمل إيجابية ومثالية أمراً بالغ الأهمية لنجاح المنظمات لعدة أسباب:
لذا فإن الاستثمار في تهيئة بيئة محفزة وداعمة للموظفين أمر ضروري لتحقيق النجاح والتميز.
يتطلب نجاح إدارة جيل الألفية الفهم والمرونة واستيعاب خصائصهم الفريدة.
اقرأ أيضًا: أفضل الممارسات في عملية توجيه الموظفين الجدد
إن إدارة جيل الألفية في مكان العمل لا تخلو من التحديات، لكنها تحمل في طياتها العديد من الفرص أيضاً. بفهم خصائص هذا الجيل واحتياجاته الفريدة، يمكن تبني أساليب إدارية تساعد على تفجير طاقاته الكامنة وتوجيهها نحو تحقيق أهداف المنظمة إن جيل الألفية هو مستقبل مكان العمل، واستثمار الوقت والجهد في إرضائهم وإشراكهم سيجني ثماره على المدى الطويل ليس فقط للمنظمات بل لمجتمع الأعمال ككل.
1- misconceptions about millennials
مقالات ذات صلة