خطوات لإنشاء استراتيجية لإدارة المواهب للنجاح مستقبلاً

مع تفشي جائحة كوفيد-19 “COVID-19” التي أعادت هيكلة سوق المواهب، وجدت الشركات نفسها تواجه صعوبات في استقطاب المواهب المناسبة لتحقيق أهداف طويلة الأجل؛ إذ إنَّ استراتيجيات استقطاب وإدارة المواهب لا تقلان أهمية عن الاستراتيجيات المالية أو التسويقية أو التشغيلية من حيث قيادة الشركات لتحقيق النجاح في المستقبل.

استراتيجية لإدارة المواهب
جدول المحتويات

استراتيجية لإدارة المواهب

تعد القدرة على تطوير الأشخاص المناسبين وتجنيدهم والاحتفاظ بهم – بسرعة عالية – بغية ملء فجوات المواهب التي تسبب بها تطور استراتيجيات العمل، أولويةً قصوى على أعلى المستويات.

عندما طلبت مجلة هارفارد بزنس ريفيو “Harvard Business Review” مؤخراً من 24 من كبار المديرين التنفيذيين تحديد أكبر التحديات التي تواجههم، تصدرت “إدارة المواهب” تلك القائمة. إنَّ استقطاب الموهبة المناسبة وتوظيفها في المكان المناسب مع تقديم التعويض المناسب لها وضمان مشاركتها بصورة كاملة في سير العمل، بما يضمن للشركات بدوره التميُّز عن منافسيها؛ أصبح مصدر قلق بالغ ومشكلة من المرجح أن تؤرق مضاجع المديرين التنفيذيين، حالها حالُ احتمال انخفاض أرباحهم الفصلية (ربع السنوية).

يدرك هؤلاء القادة أنَّ نجاحهم المستقبلي من المرجح أن تحدده قدرتهم على إجراء تحول تنظيمي في مؤسساتهم؛ ليس لمرة واحدة فقط ولكن بصورة مستمرة. كما يدركون أنَّ التوظيف السريع للمواهب المناسبة أو تطويرها لتتمكن من قيادة هذه التغييرات، سيكون أمراً بالغ الأهمية.

منهجية من خمس خطوات لإنشاء استراتيجية لإدارة المواهب

إنَّه لمن المرجح أن تُنشأ الشركات التي تطبق المنهجية الآتية ذات الخمس خطوات لإنشاء استراتيجية لإدارة المواهب خططاً فعالة، وتنفِّذ استراتيجيات أعمالها بامتياز:

  • التوافق مع استراتيجية العمل

يكمن أصل أي استراتيجية مواهب فعالة في الاتفاق بين الرئيس التنفيذي ورئيس الموارد البشرية على استراتيجية عمل متميزة؛ كأن تعتمد هذه الاستراتيجية على الرقمنة أو التميُّز التشغيلي أو تحقيق الألفة مع العميل أو الابتكار أو النمو العضوي “Organic growth” أو النمو من خلال الاستحواذ.

يضع توضيح الاستراتيجية أساسَ القرارات الحاسمة التي يجب أن يتخذها رؤساء الموارد البشرية والفرق التنفيذية لسد الفجوات في استقطاب وإدارة المواهب، وتقوية القدرات التنظيمية لدعم التوجُّه الاستراتيجي.

ينتج عن اتباع نهج أساسه البحث من أجل تحديد الاحتياجات لمواهب بعينها، والقدرات التنظيمية المطلوبة لتنفيذ استراتيجية العمل؛ استثمار المواهب بأعلى مردود ممكن؛ فإذا كانت الرقمنة هي الاستراتيجية المطلوبة، على سبيل المثال، فهل تمتلك الشركة التصميم التنظيمي والمواهب والحوافز المناسبة لتعزيز هذا النهج؟

يحتاج موظفو الموارد البشرية مع تطور استراتيجيات الأعمال، إلى إعادة ضبط استراتيجيات المواهب لمواكبة التغييرات؛ فإذا تغيرت استراتيجية الشركة لتتحول إلى الرقمنة، فيجب على قادة الموارد البشرية حينها الحرص على امتلاك الجودة والعدد المناسب من المواهب لدعم هكذا تغيير.

يمكن أن يعني التوظيف السريع لمثل هكذا موظفين يبرعون في المجال التكنولوجي – أو إعادة تدريب الموظفين الحاليين ليمتلكوا هكذا مهارات – الفارقَ بين استراتيجية العمل المزدهرة أو الفاشلة.

  • تحديد دور الهيكل التنظيمي

يجب على الرؤساء التنفيذيين لقسم الموارد البشرية “CHROs” وقادة المواهب العملَ مع الفريق التنفيذي لتقييم الأسس التنظيمية التي تسمح لاستراتيجيات الأعمال واستراتيجيات المواهب بالازدهار.

يتضمن ذلك استحداث أفضل هيكل تنظيمي يمكِّن المؤسسة من العمل وبناء ثقافة تنظيمية تدعم تنفيذ استراتيجية عمل متميزة. ونظراً لأنَّ المؤسسات تميل أكثر فأكثر نحو الرقمنة، فإنَّها تواجه حاجة متزايدة لإجراء تحول تنظيمي يمكِّنها من التحرك والتكيُّف بصورة أسرع، ويسهِّل عليها القيام بدورات تعليمية سريعة للقوى العاملة لديها، وتبنِّي متطلباتهم المهنية الجديدة.

يمكن أن يتسبب الهيكل التنظيمي السيئ بإبطال الجهود عالية التكلفة لتوظيف أو تطوير المواهب المتميزة؛ فمثلاً، لن يدعم الهيكل الهرمي الذي سمته التحكم والاستقرار الإداري استراتيجية إدارة المواهب التي صمِّمت لتمكين المؤسسة من توظيف أعداد كبيرة من جيل الألفية أو جيل زد الذين يُبدعون في بيئات سريعة الحركة ووجود نوع من التعاون والتواصل المفتوح مع المديرين التنفيذيين.

وبالمثل، إذا كان الهدف من استراتيجية العمل طرحَ منتجات جديدة في السوق بصورة أسرع، ولكنَّ المؤسسة قد أنشئت ليعمل موظفوها في فرق ومجموعات عملٍ منفصلة تقلل التعاون بين الأقسام مختلفة الوظائف والمهام؛ فإنَّ الهيكل التنظيمي فيها سيعرقل تنفيذ هكذا استراتيجية.

تحديد الأدوار الوظيفية
تحديد الأدوار الوظيفية

  • تحديد الأدوار الوظيفية المحورية

إنَّ الأدوار الوظيفية المحورية هي الأدوار التي يكون لتحسين جودة أو كمية المواهب فيها تأثير متفاوت على نجاح الأعمال. قد يوحي هكذا مصطلح أنَّنا نتحدث عن كبار المسؤولين التنفيذيين أو قادة المبيعات أو رؤساء التسويق أو المديرين الرئيسين الآخرين؛ ففي حين أنَّ هذه الوظائف هامة جداً، بيد أنَّ هكذا أدوار وظيفية محورية يمكن أن تأتي بأحجام وأشكال عديدة.

تبعاً لنوع الصناعة والتنظيم واستراتيجية العمل، قد تشمل الأدوار الوظيفية المحورية مطوري البرامج والمتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، وعمال النظافة، والقائمين على بوابات العبور في شركات الطيران، والمحللين العقاريين، وموظفي خدمة مكتب الاستقبال وعمَّال الصيانة.

يمكن أن تختلف الأدوار الوظيفية المحورية أيضاً باختلاف الجغرافيا؛ فإذا كانت استراتيجية النمو تتضمن التوسع في مناطق جغرافية عدة، فقد يُنظر إلى بعض الأدوار الوظيفية التجارية أو القيادية في تلك البلدان على أنَّها أكثر أهمية من الأدوار الوظيفية نفسها في بلدان أخرى.

غالباً ما يتفاجأ قادة الموارد البشرية عندما يعرفون – بعد إجراء تحليل القوة العاملة الذي يحدد الأدوار الوظيفية التي لها أكبر تأثير على مقاييس التشغيل الرئيسة – أي الوظائف مؤهلة لتكون محورية وأيها لا.

وفي حين يتعارض تفضيل بعض الأدوار الوظيفية عن غيرها مع أسس الموارد البشرية بشأن معاملة جميع الموظفين بإنصاف؛ لا يخجل مديرو الموارد البشرية الشجعان من حقيقة أنَّ بعض الأدوار الوظيفية أهم بكثير من غيرها في دفع الميزة التنافسية. وبدلاً من هدر الموارد المحدودة للتوظيف أو التطوير، أو التعويض بالتساوي بين جميع الموظفين؛ يخصص هؤلاء الموارد بطرائق تساعد على جذب شاغلي الأدوار الوظيفية الهامة وتطويرهم وإبقائهم في المناصب الوظيفية المحورية.

  • تحديد عوامل النجاح بدقة

من خلال مجموعات المواهب المقسمة بناءً على تأثيرهم في سير الأعمال، يجب أن يعمل مديرو الموارد البشرية مع قادة الأعمال لتحديد النتائج المتوقعة بالضبط ومعرفة الكفاءات والخبرات والسمات والدوافع المحددة المطلوبة للنجاح في الأدوار الوظيفية المحورية.

عادةً ما يكون أي واحد أو اثنين من هذه العوامل غيرَ كافٍ في تحديد الأشياء المطلوبة التي تناسب هذه الوظائف بدقة. يوجِدُ اتباع منهجية توظيف الشخص المثالي عند تعيين الأفراد أو تطويرهم لشغل هذه المناصب الأساسَ لتحسين القرارات المتخذة في إدارة المواهب.

تتحسن هذه العملية عندما يتمكن القادة المباشرين من فصل المهام الحرجة عن النتائج والتوقعات المطلوبة التي من المستحسن الحصول عليها من كل منصب. يسمح ذلك للموارد البشرية بتحويل تلك السلوكات والنتائج المرغوبة إلى عوامل نجاح خاصة بكل دور وظيفي.

إنَّه لمن الهام أيضاً أن يتماشى قادة الموارد البشرية مع خصوصية عوامل النجاح والقيمة المقترحة للموظف (EVP) ضمن الأدوار الوظيفية المحورية. يشتمل العرض الجيد للقيمة المقترح للموظف (EVP) على الأجور والمزايا، ويوفر فرص التعلم والنمو بالإضافة إلى ضمان التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وهو عامل جذب يسترعي اهتمام جيل الألفية.

تشدد القيمة المقترحة للموظف (EVP) من المستوى التالي الطريقة التي يستشعر الموظفون من خلالها الدافع في عملهم، وكيف أنَّ العلامة التجارية لمؤسستهم وثقافتها التنظيمية ستكون مصدر فخر لهم.

  • اتخاذ قرار شراء المواهب أو تطويرها

يرتكز القرار عالي المخاطرة لشراء المواهب أو تطويرها على عدد من المتغيرات. يجب على قادة إدارة الموارد البشرية وإدارة المواهب التفكير في التوظيف من خارج الشركة عندما يكون من الصعب تطوير المهارات داخلياً، أو عندما يكون هناك حاجة ملحة لسد فجوات المهارات، أو عندما لا يكون هناك سجل بالكفاءات المطلوبة داخل الشركة أو القسم.

خلاف ذلك، قد يكون تطوير مهارات جديدة لدى الموظفين الحاليين لملء فجوات المواهب خياراً أفضل عندما يكون استقطاب مواهب خارجية أمراً محفوفاً بالمخاطر على الثقافة التنظيمية في الشركة، أو عندما يكون من الصعب تعيين موظفين جدد في مناطق جغرافية أو صناعات معينة.

6 عوامل تعوق وضع استراتيجيات فعالة لإدارة المواهب 

كما هو الحال مع أي جهد للتغلب على جمود التفكير أو الممارسات البالية، ستكون هنالك عقبات تقف في طريق قادة الموارد البشرية الذين يضعون استراتيجيات مستحدثة لإدارة المواهب، والتي تلزم للنجاح في الأسواق المضطربة اليوم.

فيما يلي بعض أكبر المخاطر التي يمكن أن يقع فريستها رؤساء الموارد البشرية وقادة إدارة المواهب:

  1. الافتقار إلى الشجاعة للتخلي عن نمط “العمل كالمعتاد – business-as-usual”.
  2. عدم قدرة قسم الموارد البشرية على إيجاد استراتيجية فاعلة لإدارة المواهب.
  3. عدم الاكتراث بالتأثيرات الخارجية.
  4. ضعف استراتيجية إدارة المواهب.
  5. غياب المواءمة الأفقية – التطابق الداخلي لسياسات قسم الموارد البشرية ضمن المنظمة – في إدارة المواهب.
  6. عدم وضع الثقافة التنظيمية للشركة في عين الاعتبار.
Shares

مقالات ذات صلة

إدارة شؤون الموظفين في رمضان: ما هي وما وظيفتها؟

إدارة المواهب عن بعد: التحديات والنصائح

الفرق بين تدريب واستشارات الموارد البشرية

error: Content is protected !!
We use cookies to improve your experience on our website. By browsing this website, you agree to our use of cookies.

تسجيل الدخول

إنشاء حساب

كلمة سر منسية