3 طرق لبناء قوى عاملة أكثر قوة ومرونة

بسبب تأثير جائحة الكورونا على أكثر من 5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، فُرضت تحدياتٌ جسيمة أجبرت العديد من المنظمات على أن تحاول النجاة بنفسها وبأعمالها، حيث أدت الجائحة إلى تغييرات جذرية في الطريقة التي تُسيَّر فيها تلك المنظمات أعمالها. 

بناء قوى عاملة قوية ومرنة
جدول المحتويات

3 طرق لبناء قوى عاملة أكثر قوة ومرونة

بسبب تأثير جائحة الكورونا على أكثر من 5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، فُرضت تحدياتٌ جسيمة أجبرت العديد من المنظمات على أن تحاول النجاة بنفسها وبأعمالها، حيث أدت الجائحة إلى تغييرات جذرية في الطريقة التي تُسيَّر فيها تلك المنظمات أعمالها، فنفذت – بصورة صحيحة – استراتيجيات قصيرة المدى للتعامل مع آثارها الفورية. 

ونتيجة لذلك، سرَّحت العديد من العاملين، أو أجبرتهم على تقليص ساعات عملهم أو تخفيض أجورهم. والآن، يجب تنفيذ مبادرات تدعم القوى العاملة وتحميها من أي من اضطرابات مستقبلية.

ومع كون الوضع الجديد قد بات أمراً واقعاً، يحتاج القادة إلى النظر إلى ما وراء الوضع الحالي لسوق العمل، بغية إيجاد أي فرصة تكون هذه الأزمة قد وفرتها، ليس لمصلحة منظماتهم فحسب، بل ومن أجل المصلحة العامة للمجتمعات التي تنشط فيها أيضاً.

إنَّ التنبؤات حول مستقبل العمل وهيمنة التكنولوجيا التي شهد كثيرون كيف كانت تتكشف على مر السنين، قد تسرعت وتيرتها وتكشَّفت الآن في شهور معدودة، ومن خلال اتخاذ إجراءات آنيَّة، يمكن وضع أسس جديدة توجِدُ سوق عمل أكثر مرونة، فمع حتمية حدوث ثورة صناعية رابعة، قد باتت الخيارات واضحة الآن، وهي تسريع جهود صقل المهارات على مستوى المجتمعات بأسرها، وجعل مهارات العاملين المتأثرين بسبب الثورة الصناعية القادمة تتناسب والمهارات الناشئة والمستقبلية، بغية إعادة بناء قوى عاملة تكون أفضل وأكثر مرونة.

والسؤال المطروح هو: كيف يمكننا تسهيل صقل المهارات على مستوى المجتمعات كلها، وإدارة الانتقال إلى ذلك المستقبل الجديد؟

إنَّه لمن المهم أن تدرك الحكومات والمنظمات الوضع الحالي لسوق العمل، بغية تنفيذ استراتيجيات مستقبلية فعالة
في السابق، كان يتم في العادة إجراء تحليل لسوق العمل بغية التنبؤ به، وذلك من خلال النظر في الشبكات المهنية والتعيينات الوظيفية وعروض التوظيف والملفات الشخصية للمرشحين للوظائف، بغرض جمع معلومات تخص حالة العرض والطلب، جنباً إلى جنب مع بيانات التوظيف المبنية على سجلات الرواتب وبيانات احصائية، ومن ثم يجري تحليل الدورات التدريبية المعروضة والأشكال الجديدة للتدريب المهني الذي يتم إجراؤه ضمن المنظمات.

تكمن المشكلة في وجود ملايين من التحركات داخل عوامل العرض والطلب هذه، وقد أدت الجائحة إلى زيادة وتسريع وتيرتها. وإن أنت حاولت تتبع وتحليل هذه المعلومات بنفسك، فسيكون هذا شبه مستحيل؛ حيث سيتعيَّن عليك في مرحلة معينة التوقف عن هذا وفهم هذه البيانات، وبحلول الوقت الذي تنجز فيه ذلك، تحدث تحركات وتغييرات جديدة تجعل البيانات التي بين يديك غير ذات صلة.

بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد، يتغير سوق العمل بوتيرة متسارعة، وتصبح الأساليب التقليدية غير قادرة على تقديم رؤى قيَّمة توفر الدعم اللازم للمنظمات والحكومات والمجتمعات. واليوم، وباستخدام الذكاء الاصطناعي، بتنا قادرين على تتبع حركات سوق العمل تلك وتحليلها في الوقت الفعلي. 

إنَّ التحليل الكمي لسوق العمل “Quantum analysis” منهجية ناشئة تشير إلى تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تحليل المهارات المتاحة في سوق العمل في أكثر مستوياته دقة، حيث تتيح لنا هذه المنهجية معرفة ما يحدث في السوق في هذا الأسبوع بالمقارنة مع الأسبوع الماضي، أو ما يحدث اليوم بالمقارنة مع الأمس.

وخلال أزمة مثل أزمة كوفيد-19، تكون هنالك حاجة ملحة لمعرفة آخر المستجدات الحاصلة في سوق العمل في الوقت الفعلي، بغية فهم وضعه الحالي بصورة تساعد على تقليل تأثيراته السلبية على القوى العاملة. 

وبالتزامن مع ذلك، يتعيَّن علينا التنبؤ بالحالة المستقبلية لسوق العمل أيضاً. عادة ما يُجرى تحليل الانحدار “regression analysis” للتنبؤ بالتحركات الحاصلة في سوق العمل، والذي يستلزم النظر إلى البيانات بأثرٍ رجعي، وتحديد ما حدث سابقاً، وتقييم التوجهات المستقبلية رياضياً بغية التنبؤ بالمستقبل، فباستخدام الذكاء الاصطناعي، نكون قادرين على استخراج بيانات تساعد على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية للعرض والطلب في سوق العمل.

فعلى سبيل المثال، أظهر التحليل الكمي لسوق العمل انخفاضاً بمعدلٍ عشري في المهارات التقليدية، ولكنَّه أظهر في الوقت نفسه نمواً عشرياً من حيث الإلمام بمهارات البحث الرقمي “Digital literacy” (تعرف أيضاً بمهارات “محو الأمية الرقمية”).

باستخدام هذه البيانات، يمكننا التنبؤ بالمهارات المستقبلية والناشئة لأوضاع العاملين ضمن مسارات وظيفية مستدامة.

مهارات ووظائف مستقبلية
مهارات ووظائف مستقبلية

  • ربط العاملين بمهارات ووظائف مستقبلية

من خلال استخدام المعلومات الآنيَّة المتاحة في سوق العمل، وجنباً إلى جنب مع التنبؤ بالطلب على المهارات المستقبلية، نكون قادرين على ربط الباحثين عن عمل بسُبُل صقل المهارات بصورة أكثر كفاءة وفاعلية، بغية تقليل معدلات تسريح العاملين والاستعداد للمستقبل بصورة أفضل.

تسببت الجائحة في انخفاضٍ نسبته 10.5% في ساعات العمل عالمياً، وهو ما يعادل 305 مليون وظيفة بدوام كامل. احتفظ العديد من العاملين العاطلين جزئياً عن العمل “underemployed”، فضلاً عن العاملين العاطلين كليَّاً عن العمل “unemployed”، بمهارات يمكنهم توظيفها بسهولة في مجالات عملٍ أخرى. 

أظهرَ تقرير حديث عن سوق العمل أعدته مؤسسة “SkyHive” لولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة الأمريكية، انخفاضاً في الطلب على المهارات التقليدية في التعامل المباشر مع العملاء، في مقابل ارتفاعٍ مماثلٍ في الطلب على المهارات عالية المستوى في مجال العمل نفسه، مما يدل على تحولٍ نحو الرقمنة السريعة للمهارات المبدئية المطلوبة في مجال التعامل المباشر مع العملاء.

وبالإضافة إلى التحول الرقمي، فإنَّ العديد من المجالات الاقتصادية الأخرى تنمو كنتيجة مباشرة للجائحة، مثل الأبحاث العلمية والصحية، والاقتصاد الأخضر (الاقتصاد الذي يحدُّ من المخاطر البيئية).

  • تسريع عملية صقل مهارات القوى العاملة

عادة ما يُساء فهم مصطلحا صقل المهارات “Reskilling”، وتنمية المهارات
“Upskilling”.

يدلُّ مصطلح صقل المهارات على عملية اكتساب مهارات جديدة في سبيل إيجاد وظائف أخرى، بينما تنمية المهارات عبارة عن عملية اكتساب مهارات جديدة، لكن مع البقاء في المسار الوظيفي نفسه.

يمكن للأفراد من خلال التقنيات المبتكرة لصقل المهارات، تحديد المهارات المخفية والمتقاربة، والثغرات الموجودة في المهارات “skills gaps”، وإنشاء مسارات تعليمية بغية ملء تلك الثغرات.

تعمل القوى المحركة لعملية صقل المهارات على أتمتة إجراءات حصر المهارات، ما يزيد بصورة كبيرة من سرعة الاستجابة، أي ما قد يستغرق إنجازه شهوراً بصورة يدوية، يمكن للمنظمات القيام به في أيام معدودات. ومع زيادة وتيرة التعلُّم عبر الإنترنت، يوجد الكثير من الخيارات المتاحة لدعم الأفراد في عملية صقل مهاراتهم.

إنَّ صقل المهارات جهد جماعي، وبمساعدة الحكومات والمنظمات، يمكن إعادة تأهيل 77% من جميع العاملين المعرضين لخطر فقدانهم وظائفهم، ما يقلل البطالة والتكاليف الاجتماعية. يجب على الحكومات والمنظمات تسريع هذه العملية لإعادة تدريب العاملين وسد الفجوات في مهاراتهم، بهدف تقليل التأثيرات السلبية على القوى العاملة، مع تجهيزهم لاقتصاد ما بعد الجائحة “post-pandemic economy”.

وفي أثناء ذلك، يمكن للعاملين العاطلين جزئياً أو كلياً عن العمل تحويل هذا الوقت إلى فرصة لصقل مهاراتهم والخضوع إلى تدريب يُكسِبهم المهارات الناشئة والمستقبلية. لكن ومع ذلك، فإنَّ صقل المهارات ليس بحلٍّ يطبَّق لمرة واحدة، بل هو جهد مستمر يتبدَّل ويتأقلم باستمرار مع الظروف والتغييرات الحاصلة في سوق العمل.

التحولات الاقتصادية أمرٌ لا مفر منه، لكن يمكن وضع تدابير تقلل من تأثيراته، مثل مسارات صقل المهارات ومطابقة الوظائف بناءً على ذلك، فطريقة الاستجابة لتداعيات الجائحة، ستعيد تشكيل القوى العاملة في المستقبل، ومن خلال اتخاذ إجراءات فورية، والتنبؤ بالمهارات المستقبلية، وإنشاء مسارات جديدة لصقل المهارات، يمكن ضمان ازدهار المجتمعات في مرحلة ما بعد الجائحة.

المصدر

Shares

مقالات ذات صلة

الإنتاجية في رمضان: كيفية الحفاظ على الإنتاجية وتحقيق الأهداف العملية

ماذا تعرف عن الصيام الرقمي؟

متلازمة المحتال: كيفية مواجهتها في بيئة العمل

error: Content is protected !!
We use cookies to improve your experience on our website. By browsing this website, you agree to our use of cookies.

تسجيل الدخول

إنشاء حساب

كلمة سر منسية