تتميز بيئة العمل بتنوع الأجيال التي تُشكل القوى العاملة، ولكن لكل جيل من هذه الأجيال خصائصه وقيمه الخاصة التي قد تُشكّل تحديًا يُواجهه القادة والمديرون في أثناء محاولاتهم لخلق بيئة عمل متناغمة وفعالة، وعليه يجب فهم الخصائص الفريدة لكل جيل في سوق العمل، وفي هذا المقال ستتعرف أكثر على هذه الأجيال وخاصةً جيل Z ودخوله لسوق العمل.
إنّ بيئة العمل غالبًا ما تكون متنوعةً، إذ يتم فيها توظيف أشخاص من خلفيات وأجيال مختلفة، فأجيال العمل يصل عددها إلى خمسة، وأهم الخصائص والقيم التي يتميزون بها ما يأتي:
يُطلق عليهم اسم الجيل الصامت، وهُم المجموعة الذين وُلدوا بين عامي 1928 – 1945، وفي هذا الوقت يُشكّلون نسبةً قليلةً من القوى العاملة الحالية، ويتميز هذا الجيل بأنّه يمتلك الخبرة الواسعة في مجال العمل، وهذا يُمكّنهم من أن يكونوا مرشدين للأجيال اللاحقة، ومن أبرز القيم الخاصة بهم أنّهم يُقدرون التعاون ومساعدة الآخرين، وتتلخص الخصائص الخاصة بهم فيما يأتي:
هُم المجموعة الذين وُلدوا بين عامي 1946 – 1964، وسُمي هذا الجيل بجيل الطفرة السكانية؛ لأنّ عدد السكان في الولايات المتحدة زاد بشكل كبير وغير مسبوق، ومن أبرز القيم الخاصة بهم أنّهم جادون في العمل ومستعدون لتحمل المخاطر ومواجهة المشكلات لحلها، وتتلخص الخصائص الخاصة بهم فيما يأتي:
يُطلق عليهم الجيل العاشر أو جيل المحترفين، وهُم المجموعة الذين وُلدوا بين عامي 1965 – 1980، ومن أبرز القيم التي عُرف بها هذا الجيل هو الاحترافية في العمل والكفاءة والابتكار واحترام الاستقلالية في اتخاذ القرارات، وتتلخص الخصائص الخاصة بهم فيما يأتي:
اقرأ أيضًا: ما هو سوق العمل المخفي؟
هو الجيل الذي نشأ في عصر التقدم التكنولوجي، إذ إنّهم هُم المجموعة الذين وُلدوا بين عامي 1981 – 1996، ويُمثل هذا الجيل الشريحة الأسرع نموًا من القوى العاملة، ومن أبرز القيم الخاصة بهم هي اعتمادهم على المهارات الإبداعية والذكاء التكنولوجي، إذ يعتمدون على التكنولوجيا لرفع الكفاءة في العمل، ومن أبرز الخصائص التي يتميز بها هذا الجيل ما يأتي:
الجيل زد (بالإنجليزية: Generation Z)؛ هُم المجموعة الذين وُلدوا بين عامي 1997 – 2015، إذ بدأوا حديثًا في الدخول لسوق العمل، ومن أبرز القيم الخاصة بهم هي الاتصال الفعال والعقلية الإبداعية والمصداقية والقدرة على التكيف مع المتغيرات، ويتميز هذا الجيل بخصائص عديدة، منها الآتي:
في الشكل أدناه توضيح لأبرز الاختلافات الجوهرية بين الأجيال:
إنّ طريقة تفكير جيل زد في الحياة المهنية والأولويات الشخصية تختلف كليًا عن الأجيال السابقة، إذ يُركّز هذا الجيل على العمل ضمن بيئة عمل تتسم بالتنوع والشمول، وهُم شديدو الحرص على الحفاظ على التوازن بين الحياة الشخصية والعملية، كما يُفضل الجيل زد العمل مع شركات تتفق مع قناعاتهم الشخصية، ويهتمون بشكل كبير في الإرشاد المهني التوجيه المستمر في أثناء صعودهم السلم الوظيفي.
بشكل عام، إنّ جيل ما بعد الألفية يسعى إلى تحقيق النجاح والتميز بطرق مبتكرة ومتجددة، لذلك يهتمون كثيرًا في استخدام التكنولوجيا والتحول الرقمي، ويحرصون على تطوير مهاراتهم التقنية في سبيل تطوير أدائهم المهني، ويعتبر هذا الجيل كل من المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص أمرًا مهمًا جدًا في بيئة العمل، ويُعتبر جيل زد عمليًا وأكثر واقعيةً من الأجيال الأخرى، والشكل أدناه يُوضح ذلك:
اقرأ أيضًا: أبرز مواقع التوظيف في تركيا: تعرّف عليها
يتميز جيل ما بعد الألفية أيضًا بالاهتمام بقضايا المجتمع، فهُم يعتبرون العمل جزءًا رئيسًا من هُويتهم المهنية والشخصية، إلى جانب السعي الدائم للتعلم الذاتي وتحسين المهارات وتوسيع المعارف، وبهذا فإنّ هذا الجيل يُمثل رؤى مستقبلية واعدة يُلبّي احتياجات الشركات والمؤسسات.
قامت شركة ماكنزي للاستشارات بإجراء مسح واسع لمجموعة كبيرة من أفراد جيل Z في 12 دولة، وذلك بهدف فهم مواصفات هذا الجيل واحتياجاته وتوجهاته وتحليل ذلك على الشركات وتطوير استراتيجيات الأعمال لاستقطاب والحفاظ على هذا الجيل، إذ أظهرت هذه الدراسة أنّ 40% من جيل زد يعتبرون أنّ التنوع الثقافي مهم لهم في العمل، و74% يُفضلون العمل في بيئة متعددة الثقافات، إلى جانب أنّ 73% من هذا الجيل يعتبرون التكنولوجيا أداة رئيسة في العمل.
يُمكن تلخيص طرق استقطاب الجيل زد لبيئة العمل والمحافظة عليه فيما يأتي:
يُفضل جيل زد التعامل مع الشركات التي تُحاول الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار الرقمي، فهذا يُعطي انطباعًا حول أنّ هذه الشركات تدعم التعلم المستمر والتحول الرقمي، إذ إنّ 54% من جيل زد يرغبون في العمل في شركات تستخدم التكنولوجيا المتطورة والحديثة.
يُركّز جيل ما بعد الألفية على أهمية أن تكون الشركة واضحة الرؤية والقيم، وهذا لضمان تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والتنوع والاحترام في بيئة العمل، ففي الدراسة التي أجرتها شركة ماكنزي للاستشارات أظهرت أنّ 60% من جيل زد يرغبون في العمل في شركات تتمتع برؤية واضحة وهدف محدد.
يهتم جيل زد إلى حد كبير في تطوير المهارات والمعارف، لذلك يجب أن تحرص الشركة على أن تُوفر فرصًا تدريبيةً وتعليميةً مناسبةً، إذ إنّ 89% من جيل زد يرغبون في الحصول على تعليم وتدريب مستمرين في أثناء تواجدهم في بيئة العمل.
يتطلع جيل زد إلى الحصول على حوافز مادية ومعنوية بعد انضمامهم لبيئة العمل، مثل: المكافآت، المرونة، التقدير، الرواتب المنافسة.
يُولي جيل زد اهتمامًا كبيرًا وخاصًا بقضايا البيئة والمجتمع، وبالتالي يجب على الشركات أن تضمن تبنيها لممارسات واضحة ومستدامة وجادة، إذ إنّ 47% من جيل زد يرغبون في العمل في شركات تتبنى مبادئ الاستدامة والتوجه الاجتماعي.
يحرص جيل ما بعد الألفية على تواجد التواصل الفعال داخل بيئة العمل، لذلك يجب على الشركات التي ترغب باستقطاب الكفاءات من هذا الجيل على الاهتمام بالتواصل الإيجابي والاستماع للأفكار والاقتراحات والشفافية في العمل، إذ إنّ 58% من جيل Z يرغبون في العمل في بيئة تسمح لهم بالتواصل والتعاون مع زملائهم.
إنّ إدارة بيئة عمل متعددة الأجيال قد يُشكل تحديًا كبيرًا يُواجهه المدير في بيئة العمل، ويُمكن تلخيص الطرق التي يجب اتباعها في هذا الصدد فيما يأتي:
يجب على إدارة الشركات فهم الاختلافات بين الأجيال وتقدير قيم وأولويات كل جيل.
اقرأ أيضًا: استقطاب الكفاءات: أبرز 5 تحديات وكيفية حلها
من المهم العمل على توفير بيئة تسمح للأفراد بالتواصل الفعال بصورة مفتوحة وتشجيع الحوار بين الأجيال.
يجب على المديرين توفير فرص تعليمية تدعم التطور لكل جيل من الأجيال، مثل: ورش العمل، التدريبات، المشاركة في المؤتمرات، وذلك بهدف تعزيز المهارات والمعارف.
يجب على المديرين التشجيع على التعاون والعمل الجماعي بين أفراد الأجيال المختلفة، وذلك بهدف رفع الإنتاجية والأداء العام.
يجب على المديرين توفير التسهيلات الخاصة في تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية، إذ إنّ كل جيل من الأجيال يُحاول العمل على هذه النقطة في سبيل الحفاظ على الشغف في العمل.
يُمكن أن يواجه المديرون تحديات خلال إدراتهم لبيئة عمل متعددة الأجيال، وعليه فإنّ التفكير بإيجابية والعمل على إيجاد حلول فعالة ومبتكرة تُمكّن من التعامل مع المشكلات المختلفة.
إنّ دخول جيل Z في سوق العمل يتطلب من الشركات تبني نهجًا جديدًا يتناسب مع أولوياتهم وقيمهم الخاصة، فالجيل الذي وُلد في عصر التكنولوجيا يحتاج إلى بيئة عمل تتناسب مع طريقة تفكيرهم المستقبلية، ويجب الأخذ بعين الاعتبار إدماجهم بطرق فعالة مع الأجيال الأخرى وتوفير مساحات للتعاون والحوار.
مقالات ذات صلة