استقطاب الكفاءات هي عملية إدارية يقوم بها مسؤولو التوظيف أو قسم الموارد البشرية داخل الشركة أو المؤسسة؛ إذ يبحثون عن موظفين مميزين ومثاليين ذوي كفاءة ومؤهلات ممتازة لملء شواغر في وظائف معينة قد تكون متاحةً أو متوقعةً، بهدف تطوير بيئة العمل، ولهذه العملية تحديات كثيرة يجب التعامل معها بمهنية ووعي كبير، وهذا ما ستتعرف عليه في المقال.
إنّ سعي الشركات إلى جذب الكفاءات يُساعدها على تحقيق العديد من الأمور الإيجابية، مثل: إدارة الوقت والتكاليف المخصصة لتدريب الكوادر الجديدة، وضخ دماء جديدة داخل الشركة، وزيادة الوعي بنشاطات الشركة وخدماتها، واستغلال إنتاجية الأفراد بفعالية وكفاءة عن طريق اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب.
كما تُسهم هذه العملية في زيادة معدل الولاء في الشركة؛ بسبب شعور الموظف بالأمان الوظيفي وإنقاذه من خطر الروتين، لكن لا شك بأنّه توجد عقبات وتحديات عديدة أمام عمليات الاستقطاب، والتي يُمكن حلها ومعالجتها، ومنها الآتي:
إنّ الإعلان الذي تضعه الشركة قد يجذب العديد من المرشحين، لكن لا يعني تمامًا أن يكونوا مناسبين للوظيفة؛ فهذا يُشكّل صعوبةً في عملية استقطاب الكفاءات والوصول إلى الأشخاص أصحاب المهارة العالية، ما يضطر بالشركة إلى اختيار مرشحين معينين أنسب من غيرهم، لكنهم ليسوا بالكفاءة المطلوبة؛ ويُمكن حل هذه المشكلات من خلال استخدام منصات التوظيف سهلة الوصول إليها واستخدامها بعيدًا عن استخدام الطرق التقليدية في الإعلان عن وظائف.
بالإضافة إلى تضمين أسئلة واضحة إجابتها نعم أو لا في الإعلان؛ ما يجعل الأشخاص المعنيين يترشحون بكل سهولة.
إلى جانب أهمية أن يكون هنالك جذب وامتيازات تُقنع المرشحين، وتُحفزهم على التقديم؛ كالتعامل مع الإجازات؛ فبعض الشركات تتجاهل العطلات الرسمية والأسبوعية، ولا تمنح الموظف أيّة إجازات، أو قد تخصم على موظفيها في حالة أخذهم لإجازة.
كما أنّ الحوافز والرواتب المجزية لها أهمية كبيرة في عملية جذب الكفاءات؛ فأصحاب الكفاءات والمهارات يعرفون قيمة خبراتهم والمؤسسات التي قد تستفيد من هذه الخبرات؛ فلذلك الخيارات تكون عديدةً أمامهم والامتيازات والحوافز هي التي تلعب دورًا رئيسًا ومهمًا في جذبهم واستقطابهم، فإن لم يلقوا بيئة عمل مناسبة أو أيّ تقدير لمجهودهم وكفاءتهم، فبكل سهولة يُمكنهم الذهاب إلى مؤسسة أُخرى يجدون بها التقدير والتشجيع.
اقرأ أيضًا: استقطاب الكفاءات: ما هي أفضل الأساليب لذلك؟
قد تخسر الشركة المرشحين لصالح شركات أخرى كانت أسرع تحرّكًا؛ ويكون ذلك بسبب طول عملية التوظيف لدى الشركة الأولى وتعقيد عملية التقديم، ويكون الحل في هذه الحالة من خلال التواصل مع المرشحين وإبقائهم على خطوط اتصال مفتوحة، وإرسال تذكيرات تلقائية قبل المقابلات المتفق عليها، وإبقاء المرشحين في اطلاع دائم على حالة طلبهم، وتقليل عملية التوظيف إلى بضعة أيام، إذ قد تطول هذه العملية في بعض الشركات إلى أسابيع.
في ضوء ما سبق، إنّ ضمان التواصل في الوقت المناسب مع المرشحين يُعزّز وجودهم وإقبالهم بشكل كبير، بالإضافة إلى أنّ الشركة قد تخسر مرشحيها نتيجة ما تُقدمه الشركات الأخرى من حوافز وامتيازات تُناسب خبراتهم وكفاءاتهم.
إذا لم يكن لدى صاحب العمل علامة تجارية ووجود قوي عبر الإنترنت؛ فسيكون من الصعب عليه استقطاب الكفاءات والوصول إلى المرشحين المستهدفين؛ حيثُ إنّ العلامة التجارية ومدى انتشارها يلعب دورًا كبيرًا في جذب مرشحين للتقدم والطلب على الوظيفة.
ومما يساهم في تعزيز الوجود الرقمي للشركة إظهار معلومات عنها وعن صاحب العمل والفريق؛ كنشر صور للشركة وبيئة العمل وشهادات الفريق؛ بالإضافة إلى نشاطهم المستمر عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتحديث الدائم لموقع الويب، لذلك يجب أن تعمل الشركة بجد على إنشاء علامتها التجارية وعرضها طوال عملية التوظيف، وأن تعي أهمية ذلك في عملية جذب الكفاءات.
إنّ عدم إيجاد الشركة استراتيجية سهلة وسلسلة وواضحة لعملية استقطاب المواهب سيخلق تحدياً كبيراً، وكذلك الأمر في حال وجود سياسات لدى الشركة غير مناسبة؛ كأن تُحتّم على موظفيها العمل في أوقات مختلفة أو التعامل في لغة محددة أو عدم مراعاتها لخطورة الوظيفة،وعدم توفر وسائل السلامة والوقاية، فلا بد من مراعاة ما يُناسب المرشحين ضمن المعقول حتى لا يُشكّل ذلك عائقًا لديهم.
اقرأ أيضًا: 9 طرق لتعزيز تطوير الموظفين في بيئة العمل.
بالإضافة إلى ضرورة التنويع في الاستراتيجيات خاصةً استراتيجة استقطاب الكفاءات عن طريق الإعلان عن الوظائف، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوظائف والترويج للشركة، بالإضافة إلى عرض المزايا والفعاليات وبيئة العمل وقصص الموظفين، فكل هذا يُسهم في تشجيع المرشحين وإقبالهم، كما تسهم هذه الاساليب في بناء مصداقيةً عاليةً وإقبالًا كبيرًا.
في ضوء ما سبق، تقوم عملية جذب الكفاءات على مبدأين رئيسيين، هما: العرض والطلب، حيثُ تقوم الشركة بالإعلان عن فرصة عمل متاحة وتفاصيلها، ومن يجدها مناسبةً له يتقدم لهذه الفرصة، والجذب يكون عن طريق توفير مزايا إضافية كمرتبات مجزية وعطلات أسبوعية وعدد ساعات عمل محددة.
كما أنّ سبل الاستقطاب وأساليبه تتنوع ما بين داخلي، ويتمثل في موارد الشركة والعلاقات العامة واللجوء إلى المدراء والمسؤولين في الأقسام لترشيح وتزكية أحد الأسماء لملء شاغر وظيفي معين أو اللجوء إلى تعيين موظفين سابقين، أما الخارجي يكون عن طريق الإعلان عبر وسائل الاتصال التقليدية أو الحديثة وعن طريق وكالات التوظيف الخاصة والحكومية ومواقع التواصل الاجتماعي.
إنّ التحيزات اللاواعية قد تكون سببًا في إيجاد مرشحين غير مناسبين للوظيفة، حيث تكون هذه التحيزات نتيجة عدم كفاية في الأفكار والمعلومات أو عبارة عن قرارات سريعة وغير مدروسة؛ بسبب ضغوطات أو عواطف أو عوامل أخرى.
فوجود الموضوعية في عملية التوظيف أمر ضروري يُساعد على اختيار أفضل شخص للوظيفة دون تدخل الصورة النمطية، بالإضافة إلى ترتيب الأشخاص من الأكثر كفاءةً إلى الأقل ملاءمةً، وهذا كله يُؤدي إلى وجود بيئة عمل شاملة ومتنوعة تحتوي على كفاءات عديدة مختلفة؛ ما يعود إيجابًا على الشركة وتقدمها.
اقرأ أيضًا: إدارة المواهب: استراتيجية مهمة في الموارد البشرية.
إنّ طرق استقطاب الكفاءات البشرية تتنوع وتختلف من شركة إلى أخرى، فالبعض منهم قد يستخدم وسيلة واحدة للاستقطاب، والبعض الآخر قد يُنوّع ويدمج بين عدّة وسائل في آنٍ واحد، فالأهم من ذلك أن تصل الشركة إلى مرحلة توفير المناخ الصحي وبيئة العمل المشجعة والاحترافية لجذب الكفاءات وتنمية مهاراتها واحتضان مواهبها وقدراتها، فمعظم القضايا والتحديات والمشكلات داخل الشركة سببها صعوبة التواصل وعدم المرونة في عمليات التوظيف وتعقيد الاستراتيجات المتبعة في الشركات.
لكن حاليًا أصبح لا يُوجد شيء يستحيل تخطيه والتغلب عليه في ظل هذا العصر المليء بالتطورات الرقمية، فالتكنولوجيا سهّلت كل شيء؛ حيثُ إنّه وبكل سهولة يُمكن الوصول إلى الكفاءات والمواهب والتواصل معهم وتقديم لهم الفرص والعروض التوظيفية واختيار الطرق التي قد تجذبهم وتُشجعهم وتزيد من إقبالهم على العمل، كما أّنّه أصبح لكل شخص القدرة على استغلال التكنولوجيا في تطوير نفسه ومهاراته وجعله فعّالًا قادرًا على العمل والإنتاج، والوصول إلى العروض بكل سهولة وترشيح نفسه إليها، والتقديم على أفضل الشركات بما يتناسب مع مؤهلاته ومهاراته.
مقالات ذات صلة