إنّ التسريح من العمل عملية تُصاحبها تحديات وتفاصيل كثيرة إلى جانب التأثيرات النفسية والاجتماعية على الموظفين والشركات، لذلك فإنّها عملية تتطلب التفكير والتروي والنظر في الأبعاد المؤثرة، خاصةً أنّ هذا الفعل مؤشر على عدم قدرة الشركة على تحقيق الاستدامة، وهذا المقال سيُوضح أكثر حول عملية تسريح الموظفين وكيفية إدارتها.
التسريح من العمل؛ هو عملية يتم فيها إنهاء علاقة العمل بين صاحب العمل والموظف بشكل رسمي، وتختلف الإجراءات الخاصة بتسريح الموظفين من دولة إلى أخرى، إذ له إجراءات وقواعد محددة وفقًا للأنظمة والقوانين، فمن بين الإجراءات الشائعة تقديم إشعار رسمي للموظف بتاريخ انتهاء عقد العمل، وصرف المستحقات والتعويضات بموجب القانون، وبدوره يقوم الموظف بتسليم جميع مهامه.
تتعدد أسباب هذه العملية، إذ قد يرغب صاحب بتقليص عدد الموظفين وتقليل التكاليف أو إعادة هيكلة بيئة العمل أو غيره من الأسباب، ولكن من المهم أن يكون التعامل مع هذا الأمر بشكل احترافي ومهني ومحترم، بحيث يتحلى كل من صاحب العمل والموظف بالصدق والشفافية والإجابة عن جميع الاستفسارات.
إنّ عملية التسريح من الوظيفة تجربة صعبة على الموظف، لذلك يجب على صاحب العمل بالتعاون مع قسم الموارد البشرية اتباع الإجراءات القانونية وإطلاع الموظف على الأسباب المؤدية لذلك وتقديم الدعم النفسي والمهني.
تتعدد أسباب التسريح، إذ قد تختلف حسب الشركة والصناعة والقوانين المحلية، ولكن أهمها ما يأتي:
إذا واجهت الشركة انخفاضًا حادًا في المبيعات، فسيكون لذلك تأثير مباشر على التدفق النقدي للشركة، ويُمكن أن تُساعد عملية إنهاء علاقة العمل بين صاحب العمل والموظف على التعويض عن طريق خفض التكاليف بما يتماشى مع خسارة الإيرادات المتوقعة.
إذا كان الاقتصاد يمر بمرحلة كساد أو ركود مالي، فغالبًا ما يُؤدي ذلك إلى اضطرار عدد من الصناعات إلى تسريح الموظفين من أجل تحقيق التوازن، وهذا كجزء من إجراءات تقليل التكاليف، مثل: تقليص الإنفاق أو توفير مصادر تمويل إضافية.
اقرأ أيضًا: قواعد العمل التي تدفع الموظفين لترك وظائفهم
إذا مرت الشركة بعملية إعادة هيكلة، فيُمكن أن تُؤدي في كثير من الأحيان إلى عدد من عمليات تسريح الموظفين، وعادةً ما ترتبط أمور إعادة الهيكلة بالإجراءات القديمة التي عفا عليها الزمن، مثل: أتمتة واجبات معينة إذا توفرت تقنية جديدة أو عدم مواكبة التكنولوجيا، ولهذا يتم الاعتذار من الموظفين الذي لا يتناسبون مع التغيرات الجديدة في متطلبات العمل.
إذا تغير خط إنتاج الشركة بما يتماشى مع طلب العملاء المتطور، فيُمكن أن يُؤدي ذلك إلى تغييرات في المؤسسة، فمثلًا قد تحتاج إلى تعيين فرق جديدة بمهارات جديدة واستبدال الفرق الحالية التي كانت تعمل على منتجات غير فعالة.
من استراتيجيات التي يُنصح بها لأصحاب العمل للتعامل مع عملية التسريح ما يأتي:
إذ يجب أن تكون الإدارة على دراية بأنّ عملية تسريح العمال تُعد أمرًا صعبًا ومعقدًا، ويجب أن يتعاملوا معها بشكل واعٍ ويتجنبوا التهاون في التعامل مع الموظفين المتأثرين.
يجب على أصحاب العمل أن يكونوا واضحين بشأن الهدف وراء هذه العملية، إذ يشرحون ذلك للموظفين المتأثرين بشكل صريح، فالهدف قد يكون تحسين كفاءة الشركة، أو المرور بأزمة مالية، أو التكيف مع تغيرات السوق.
يجب على الإدارة التخطيط لهذه العملية بدقة، بما في ذلك تحديد عدد الموظفين المراد تسريحهم، والجدول الزمني، والمعايير التي سيتم تطبيقها لاختيار الموظفين.
إذ يجب أن تتعامل الإدارة مع الموظفين المتأثرين بهذه العملية باحترام وتقدير، وذلك من خلال توفير التوجيه والدعم العاطفي.
وذلك من خلال التفاوض بشأن شروط إنهاء عقد العمل، مثل: تقديم تعويضات عادلة، وتقديم خدمات توجيه واستشارات مهنية، وتسهيل إجراءات البحث عن عمل بديل.
يجب على المديرين تقييم خطط المستقبل بعد عملية تسريح العمال، بما في ذلك التأكد من قدرتهم على تلبية احتياجات العمل بعد التسريح وتوفير فرص لتطوير المهارات والابتكار في استراتيجيات التوظيف والتعيين الجديدة.
وذلك من خلال توفير فرص التطوير والترقية والتحفيز على تحقيق أهداف الشركة وتطلعاتها، وفتح قنوات الاتصال لكسب الثقة.
اقرأ أيضًا: مهارات مدير علاقات الموظفين
إنّ عملية التسريح الخاصة بالموظفين تدل على وجود مشكلة داخلية وتنظيمية، لذلك يقع على عاتق قسم الموارد البشرية البحث في الأسباب ومحاولة الوصول إلى حل وفهم كيفية إدارة هذه العملية باحترافية، ومن أفضل الممارسات ما يأتي:
قبل التفكير في تنفيذ عملية تسريح الموظفين، يجب على قسم الموارد البشرية التفكير في بدائل، وذلك في بدء الحديث مع الموظفين حول ما تمر به الشركة من مصاعب، واقتراح حلول فعالة عليهم لتجنب الاعتذار منهم، مثل: تخفيض الأجور، تقليل الامتيازات، إعطاء إجازة طويلة، وبهذا قد تتجنب أمر التسريح وتبعاته السلبية.
يجب التأكد من أنّ تسريح العمال متوافق مع قوانين العمل والتشريعات المعمول بها، فإذا لم يكن مدير الموارد البشرية دقيقًا، فقد يسهل الوقوع في الخطأ، لذا من المهم فهم التزامات صاحب العمل وواجباته لضمان الامتثال وعدم تعريض المؤسسة للمسألة القانونية.
يحتاج قسم الموارد البشرية في عملية تسريح الموظفين وضع خطة اتصال في كيفية إبلاغ الموظفين والإجراءات الرسمية التي ستُنفذ، إذ يجب أن تتضمن الخطة ما يأتي:
إنّ عملية تسريح العال تتضمن تأثيرات سلبية عديدة على الموظفين وسمعة الشركة، إذ قد يغيب عنصر تكافؤ الفرص، ويظهر التمييز ضد فئات معينة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو الجنس أو الأصل، وتبعًا لذلك يجب التأكد من أنّ سياسة التسريح الخاصة تتضمن الالتزام بالأحكام الضرورية والقوانين السارية.
يجب على الشركة تقديم تعويضات بعد إنهاء عقد العمل مع الموظف وفقًا لقوانين العمل والإجراءات، فهذا دليل على احترام الشركة لموظفيها ومدى تقديرها واحترامها لهم، وهذا يعمل أيضًا على طمأنة الموظفين الحاليين الذي على رأس عملهم بأنّ الإدارة تهتم لمصلحتهم.
اقرأ أيضًا: إدارة المواهب: سياسة مهمة في الموارد البشرية
وهذا يعني إظهار التعاطف والاستماع إلى ما سيقوله الموظفون والإجابة على أيّ أسئلة قد تكون لديهم، إلى جانب التعامل مع أيّ ردود فعل عاطفية بحساسية خاصةً إذا كان هذا القرار مفاجئًا، فمن المهم تهيئة البيئة المناسبة لإيصال هذا الخبر، مثل: طلب الموظف إلى اجتماع والحديث معه.
يُنصح في دعم الموظفين المتبقين في أثناء العملية، فدائمًا ما تكون عمليات تسريح العمال مقلقة، إذ يشعر الموظفون في تهديد أمنهم الوظيفي، لذلك يجب إعداد خطة لتقديم الدعم للموظفين المتبقين للحفاظ على بيئة عمل صحية ومناسبة.
إنّ الدراسات أكدت على عدم فاعلية خيار تسريح العمال، إذ له تأثيرات تتلخص فيما يأتي:
ويتمثل ذلك في انخفاض الروح المعنوية للموظفين المتبقين، مما يُمكن أن يُؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية والرغبة في البقاء في الشركة وزيادة معدلات التسرب الوظيفي.
قد يؤدي تسريح العمال إلى فقدان المواهب وذوي المهارات والخبرات القيمة، مما يُمكن أن يُؤثر على قدرة الشركة على مواصلة مهامها وتحقيق أهدافها.
إذ قد يكون لتسريح العمال تأثيرات اجتماعية واقتصادية على المجتمع المحلي، مما يُؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وانتشار البطالة.
إذ قد يؤدي التسريح إلى فقدان الثقة والولاء من قِبل الموظفين والعملاء، وهذا يُؤثر على سمعة الشركة، ويُؤدي إلى تراجع الرغبة في التعامل معها.
إنّ إدارة عملية التسريح تتطلب اعتبارات عديدة، تبدأ من فهم صعوبة الأمر والتخطيط الجيد، وصولًا إلى التعامل باحترام مع الموظفين المراد تسريحهم، والتواصل معهم بصراحة، وتقييم الخطط المستقبلية وإعادة تعيين الموظفين الباقين وغيرها، ولقسم الموارد البشرية دور محوري في التدخل في هذا الأمر، لضمان الامتثال القانوني وعدم ارتكاب أيّة تجاوزات بحق الموظفين.
مقالات ذات صلة