يمكن تلخيص تخصص تطوير الأعمال كأفكار ومبادرات ونشاطات تساعد على تحسين الأعمال؛ بما يشمل زيادة الإيرادات، والنمو من حيث توسع الأعمال، وزيادة الربحية من خلال إقامة شراكات استراتيجية، واتخاذ قرارات تجارية استراتيجية.
“المدير التنفيذي لتطوير الأعمال” و”مدير تطوير الأعمال” و”نائب الرئيس ومطور الأعمال”؛ كلها مسميات وظيفية مثيرة للإعجاب غالباً ما نسمع عنها في المنظمات.
تشارك مجالات مثل: المبيعات والمبادرات الاستراتيجية والشراكات التجارية وتطوير السوق وتوسيع الأعمال والتسويق؛ في تطوير الأعمال التجارية، ولكنَّها غالباً ما تكون متشابكة، ويُنظر إليها بصورة مغلوطة على أنَّها المهام الوحيدة لتطوير الأعمال التجارية.
تمتد نشاطات تطوير الأعمال لتشمل جميع الإدارات على اختلافها، بما في ذلك المبيعات والتسويق وإدارة المشاريع وإدارة المنتجات وإدارة شؤون المزودين. وتشارك أيضاً في ذلك مجهودات التشبيك “Networking”، والمفاوضات، والشراكات، وتحقيق وفورات في التكاليف؛ وتكون كل هذه الإدارات والنشاطات المختلفة مدفوعة بأهداف تطوير الأعمال، ومتوافقة معها.
على سبيل المثال، يكون لدى الشركة منتج أو خدمة ناجحة في منطقة جغرافية واحدة، مثل الولايات المتحدة. ثمَّ يقوم فريق تطوير الأعمال بتقييم المزيد من إمكانات التوسع. وبعد القيام بكل العمليات الواجبة والأبحاث والدراسات، يجد أنَّه يمكن توسيع المنتج أو الخدمة لتمتد إلى منطقة جغرافية جديدة، مثل البرازيل.
يركز موظفو المبيعات على سوق معين أو (مجموعة) معينة من العملاء، وغالباً ما يكون ذلك للوصول إلى رقم الإيرادات المستهدف. وفي هذه الحالة، يعمل قسم تطوير الأعمال على تقييم الأسواق البرازيلية، ويخلص إلى أنَّ المبيعات التي تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار يمكن تحقيقها في غضون ثلاث سنوات؛ ومع هذه الأهداف المحددة، يستهدف قسم المبيعات قاعدة العملاء في السوق الجديدة باستراتيجيات المبيعات الخاصة بهم.
يتضمن التسويق الترويج والإعلان الذي يهدف إلى تحقيق عملية بيع ناجحة للمنتجات إلى العملاء النهائيين. يلعب التسويق دوراً مكملاً في تحقيق أهداف المبيعات؛ إذ قد تخصص مبادرات تطوير الأعمال ميزانية مقدرة لعملية التسويق. تتيح الميزانيات العالية القيام باستراتيجيات تسويقية قوية، مثل الاتصالات الباردة “Cold calling” والزيارات الشخصية والحملات الترويجية والتوزيع المجاني للعينات؛ في حين تؤدي الميزانيات المنخفضة إلى تنفيذ استراتيجيات تسويقية غير نشطة / غير مباشرة “Passive marketing”، مثل الإعلانات المحدودة عبر الإنترنت، والإعلانات المطبوعة والإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واللوحات الإعلانية “Billboards”.
للدخول إلى سوق جديدة، هل سيكون من المفيد العمل بمفردك من خلال إزالة جميع الإجراءات الرسمية المطلوبة، أم سيكون من المنطقي أكثر تشكيل تحالف استراتيجي أو شراكات مع الشركات المحلية العاملة في المنطقة الجغرافية التي تريد العمل فيها؟ بمساعدة الفرق القانونية والمالية، يزن فريق تطوير الأعمال جميع إيجابيات وسلبيات الخيارات المتاحة، ويختار الخيار الذي يخدم الأعمال بشكل أفضل.
هل يتطلب توسع الأعمال وجود منشأة جديدة في السوق الجديدة، أم سيتم تصنيع جميع المنتجات في البلد الأم للشركة، ومن ثم يجري توريدها إلى السوق المستهدفة؟ هل سيتطلب الخيار الأخير مرافق إضافية في البلد الأم؟ ويقوم فريق تطوير الأعمال التجارية بوضع هذه القرارات في صيغة نهائية استناداً إلى تقييمات تكون ذات الصلة بالتكاليف والوقت، ثم يعمل فريق إدارة/تنفيذ المشروع على تحقيق الهدف المنشود.
تختلف المعايير التنظيمية ومتطلبات السوق من بلد إلى آخر؛ فقد يُسمح ببيع دواء ذو تركيبة معينة في الهند، ولكن قد يمنع بيعه في المملكة المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر؛ فهل يتطلب السوق الجديد إصداراً معدلاً أو جديداً للمنتج؟
هذه المتطلبات هي التي تقود عمل أقسام إدارة المنتجات والتصنيع، كما هو مقرر في استراتيجية الأعمال. يجري تقييم اعتبارات مثل التكلفة والموافقات القانونية والامتثال التنظيمي “Regulatory adherence”، بصفتها جزءاً من خطة تطوير الأعمال.
هل سيحتاج العمل الجديد إلى مزودين خارجيين؟ على سبيل المثال، هل سيحتاج شحن المنتج إلى خدمة مخصصة للتوصيل السريع؟ وهل ستتشارك الشركة مع أي سلسلة محلية للبيع بالتجزئة؟ ما هي التكاليف المرتبطة بهذه التعاقدات؟ يعمل فريق تطوير الأعمال من خلال هذه الأسئلة.
قد تحتاج بعض مبادرات الأعمال إلى خبرة عملية في المهارات الناعمة “Soft skills”. على سبيل المثال، يعد الضغط من أجل الحصول على الدعم قانونياً في بعض المناطق الجغرافية، وقد يصبح أمراً ضرورياً لاختراق السوق المستهدفة. كما قد تكون هناك حاجة إلى استثمار مهارات ناعمة أخرى – مثل التواصل والتفاوض – مع أطراف ثالثة مختلفة مثل المزودين والوكالات والسلطات الحكومية والهيئات التنظيمية؛ وجميع هذه المبادرات تعد جزءاً من تطوير الأعمال التجارية.
لا يتعلق تطوير الأعمال بزيادة المبيعات والمنتجات ودخول السوق المستهدفة فحسب؛ إذ يتطلب الأمر أيضاً اتخاذ قرارات استراتيجية لزيادة أرباح الشركة، بما يشمل اتخاذ تدابير تهدف إلى خفض التكاليف. قد يؤدي تقييم داخلي يكشف عن ارتفاع في الإنفاق على السفر، على سبيل المثال؛ إلى تغييرات في سياسة السفر، مثل استضافة مكالمات تجرى عبر خدمات الفيديو، بدلاً من السفر لعقد اجتماعات في الموقع، أو اختيار وسائل نقل تكون أقل تكلفة.
يمكن للإدارة تنفيذ مبادرات مماثلة لتوفير التكاليف من خلال الاستعانة بمصادر خارجية للعمل غير الرئيسي للشركة، مثل الفوترة والمحاسبة والشؤون المالية، والعمليات التكنولوجية وخدمة العملاء. تشكل الشراكات الاستراتيجية اللازمة لهذه المبادرات جزءاً من عملية تطوير الأعمال التجارية.
نظراً لأنَّ تطوير الأعمال ينطوي على اتخاذ قرارات رفيعة المستوى، يجب أن يظل مطور الأعمال على دراية بما يلي:
سيناريو تطوير الأعمال الذي تمت مناقشته أعلاه خاص بخطة توسيع الأعمال، والتي يمكن أن تشعر بتأثيرها في كل وحدة من وحدات الأعمال تقريباً. ويمكن أن تكون هناك أهداف مماثلة لتطوير الأعمال التجارية، مثل تطوير خط أعمال جديد، وتطوير قنوات مبيعات جديدة، وتطوير منتجات جديدة، وشراكات جديدة في الأسواق الحالية أو الجديدة؛ وحتى قرارات عمليات الاندماج والاستحواذ.
على سبيل المثال، في حالة الاندماج، يمكن تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف من خلال دمج الوظائف المشتركة للإدارات الصناعية والمالية والقانونية في الشركتين. وبالمثل، يمكن نقل الأعمال التجارية التي تعمل من خمسة مكاتب مختلفة في المدينة إلى مرفق مركزي كبير، مما يؤدي إلى وفورات كبيرة في تكاليف التشغيل. ومع ذلك، هل سيؤدي هذا إلى تناقص عدد الموظفين، إذا لم يناسب الموقع الجديد جميع العاملين؟ الأمر متروك لفريق تطوير الأعمال لتقييم مثل هذه المخاوف.
ينطوي تطوير الأعمال التجارية في جوهره على عملية رفيعة المستوى لاتخاذ قرارات تستند إلى تقييم واقعي لجميع التغييرات المحتملة وأثرها، ويهدف من خلال الأفكار والمبادرات الجديدة إلى تحسين الآفاق الإجمالية للأعمال، بما يعزز أداء وحدات الأعمال المختلفة. إنَّ تطوير الأعمال ليس عبارة عن مبيعات أو تسويق أو شراكة؛ بل هو نظام شامل متكامل يتضمن الأعمال التجارية بأكملها، وجميع الأقسام على اختلافها، بما يعزز النمو العام للشركات.
ملحوظة هامة: في حين أنَّه يكون من الشائع أن تسعى الشركات الناشئة للحصول على مساعدة خارجية في عملية تطوير الأعمال، لكن مع نضج عملية التطوير، يجب أن تهدف الشركة إلى بناء خبرتها في تطوير الأعمال داخلياً.
يمكن أن يكون مطور الأعمال هو مالك الشركة، أو موظف أو موظفين معينين يعملون في تطوير الأعمال؛ لذا يمكن لأي شخص قادر على إجراء أو اقتراح تغيير استراتيجي أو إضافة قيمة إلى الأعمال أن يساهم في تطوير العمليات التجارية للشركات، وغالباً ما تشجع الشركات الموظفين على مشاركة الأفكار المبتكرة، والتي يمكن أن تساعد في تحسين إمكانات الأعمال في العموم. كما تسعى الشركات إلى الحصول على مساعدة شركات خارجية متخصصة في احتضان الأعمال، وشركات تطوير الأعمال (BDC) ومراكز تطوير المشاريع الصغيرة (SBDC)؛ ومع ذلك، فإنَّ هذه الكيانات تساعد في إنشاء الأعمال التجارية وفي تقديم الضبط اللازم خلال المراحل المبكرة فقط من إنشاء الأعمال التجارية.
نظراً للنطاق الواسع لتطوير الأعمال والنشاطات التجارية، لا توجد ممارسات ومبادئ قياسية؛ فمن استكشاف فرص جديدة في أسواق خارجية، إلى دمج الكفاءات في العمليات التجارية الداخلية؛ يمكن لأي شيء أن يندرج تحت مظلة تطوير الأعمال.
يتعين على المشاركين في تطوير الأعمال التجارية أن يتوصلوا إلى أفكار خلاقة، ولكنَّ مقترحاتهم قد تكون غير مجدية أو غير واقعية. لذا من الهام أن يتحلوا بالمرونة اللازمة. يجب أن يحاول الموظفون المكلفون بتطوير الأعمال البحث عن النقد البناء وتلقيه، كما يجب عليهم أن يتذكروا دوماً أنَّ تطوير الأعمال عبارة عن عملية.
تتضمن أخلاقيات الأعمال تنفيذ ممارسات مناسبة وعادلة بما يتصل بمسائل مثل حوكمة الشركات “Corporate governance”، والتجارة الداخلية، وعدم التمييز في المعاملة، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، والمسؤوليات الائتمانية “Fiduciary responsibilities”. غالباً ما تضع القوانين واللوائح معياراً لأخلاقيات الأعمال، والذي يمكن للشركات بعد ذلك اتباعه والبناء عليه من أجل كسب ثقة وولاء المستهلكين المتعاملين في الأسواق.
إنَّ تطوير الأعمال الجديدة “New Business Development” أمر هام لتوفير فرص العمل، وتطوير الصناعات الرئيسية، والحفاظ على تقدم الاقتصاد.
يحتاج المسؤولون التنفيذيون العاملون في مجال التطوير إلى امتلاك رؤية ومهارات قيادية ودافع، وإلى الاستعداد للعمل مع مجموعة متنوعة من الأشخاص بغية الوصول إلى هدف مشترك.
يعد امتلاك الرؤية وتشكيل فريق جيد، من بين العوامل التي تساعد في النجاح في تطوير الأعمال؛ لكنَّ المطور الناجح يكتب أيضاً خطة عمل جيدة، والتي تصبح المخطط الذي يبني نجاحه من خلاله.
تصف خطة تطوير الأعمال أهداف الشركة والكيفية التي تنوي الشركة من خلالها أن تحقق هذه الأهداف، بما في ذلك الغايات وتكاليف بدء التشغيل والأهداف المرحلية المنشودة.
قد يصعب تعريف تطوير الأعمال بإيجاز، ولكن يمكن فهمه بسهولة باستخدام مفهوم العمل. تعدُّ العقلية المنفتحة، والاستعداد للتقييم الذاتي الصادق والواقعي، والقدرة على قبول الإخفاقات بعض المهارات اللازمة للنجاح في تطوير الأعمال؛ وبغض النظر عن الخروج بأفكار لتطوير الأعمال، وتطبيقها وتنفيذها؛ فإنَّ النتائج النهائية هي التي تكون الأكثر أهمية.
يجب أن تكون العقول الأكثر ذكاءً في مجال تطوير الأعمال جاهزة لاستيعاب التغيير من أجل تحقيق أفضل النتائج.
مسارات مهنية ذات صلة