إنّ استخدام التكنولوجيا في العمل أصبح ضرورة وليس خيارًا، خاصةً مع التحول الرقمي الذي يشهده سوق العمل، إذ دخل الحاسوب في كافة الأعمال دون استثناء، والشركات تتطلع دائمًا إلى العاملين الذين يتمتعون بمهارات رقمية متقدمة لتأثير ذلك على أداء المؤسسات، لذلك أصبح لزامًا الأخذ بعين الاعتبار أهمية محو الأمية الرقمية.
محو الأمية الرقمية (بالإنجليزية: Digital Literacy)؛ هي عملية تعليم يتم فيها توجيه العاملين الذين يفتقرون للمهارات الرقمية الأساسية، وتمكينهم من استخدام التكنولوجيا الحديثة والتواصل الإلكتروني بطريقة فعالة، وذلك في سبيل تعزيز المواطنة الرقمية وتحسين فرص العمل وأداء المؤسسات.
تتضمن المهارات الخاصة في هذه العملية التعامل مع الحواسيب والأجهزة الذكية، واستخدام الإنترنت والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، والتعرف على البرامج والتطبيقات الرقمية الأساسية، وتحليل وتفسير المعلومات الرقمية وتقييم مصداقيتها، والحفاظ على الأمان الرقمي والخصوصية الشخصية.
أظهر استطلاع مشترك أجرته Microsoft وIDC Asia Pacific أنّ ما يُقارب 75% من الشركات السنغافورية كان عليها تسريع رقمنة عملياتها للبقاء والاستمرار خلال جائحة COVID-19، إذ تلقت هذه الشركات خسائر كبيرة في إيراداتها، ويرجع سبب ذلك إلى الإغلاق الإجباري والحظر الشامل، فلو تم الاهتمام بالتحول الرقمي قبل ذلك لكان مفيدًا في تسريع انتقال العمليات والعروض إلى المنصات عبر الإنترنت لضمان استمرارية التشغيل والأعمال.
لمحو الأمية تأثير على الأداء العام للمؤسسات يتمثل فيما يأتي:
يُمكن لمحو الأمية التكنولوجية تحسين كفاءة العمل وتقليل الأخطاء في الأعمال اليومية، مما يُؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات، وتُساعد المهارات الرقمية أيضًا على تحليل البيانات والمعلومات بطريقة فعالة واتخاذ القرارات الاستراتيجية الصحيحة بناءً على التحليلات والتوقعات الدقيقة.
يُمكن للمهارات الرقمية تحسين التواصل والتعاون بين الموظفين وتعزيز العمل الجماعي وإدارة المهام والمشاريع، وبالتالي هذا يُؤدي إلى توفير الوقت والجهد وزيادة الإنتاجية والكفاءة.
يُمكن لمحو الأمية تحسين تجربة العملاء وزيادة رضاهم، إذ تُتيح للمؤسسات تقديم خدمات ومنتجات عالية الجودة بفضل استخدام التكنولوجيا الحديثة والتواصل الإلكتروني على نحو فعال، وهذا يُعزز بدوره سمعة المؤسسة ويزيد من فرص النمو والتوسع في المستقبل.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي: هل يشكل تهديدًا على المصممين؟
أظهرت دراسة أُجريت في عام 2020 أنّ 43% من يعتبرون الافتقار إلى المهارات الرقمية أكبر عائق أمام مشاريع الرقمنة الخاصة بهم، فمع تزايد دور التحول الرقمي الذي يحدث في العالم اليوم، من الضروري أن تتمتع الشركات بالقدرة على الاستفادة من الأدوات الرقمية المتاحة.
كما أنّ محو الأمية الخاص في التكنولوجيا في مكان العمل يشمل القدرة على التحليل النقدي لميزات هذه الأدوات الرقمية وتحديد ما إذا كانت هذه الأدوات في أحدث الإصدارات، ويُمكن للشركات تقييم ما إذا كانت الأدوات الحالية تتطلب ترقيات مع تقليل العبء المعرفي الخاص بهم لفهم الجوانب الفنية لهذه الأدوات، وبالتالي زيادة إنتاجية عملياتهم.
من الأساليب والاستراتيجيات لتحقيق محو الأمية الخاصة في التكنولوجيا بهدف رفع أداء المؤسسات ما يأتي:
يُمكن للشركات استخدام محو الأمية التكنولوجية لتطوير ممارسات سليمة بشكل استباقي في تدابير السلامة ومنع الاختراقات، مثل: الإدارة الفعالة لكلمات المرور واستخدام أدوات الذكاء مفتوحة المصدر (OSINT) التي من شأنها تعزيز حماية الشركات ضد الهجمات الإلكترونية المحتملة أو تهديدات البيانات.
تعتمد بعض عمليات التكنولوجيا الجديدة، مثل: استخدام أدوات التعاون في مكان العمل كـ Zoom، على مدى تكيف الموظفين مع التقنيات الجديدة، إذ إنّ الفهم الرقمي الشامل للأدوات الرقمية، مثل: الشبكات السحابية، تُمكّن الشركات من أن تُصبح أكثر مرونة تجاه تعديل إجراءات.
يجب على المؤسسات توفير فرص التدريب والتعليم المستمر للموظفين، بما في ذلك الدورات التدريبية وورش العمل والدروس الإلكترونية، وذلك لتحسين مهاراتهم الرقمية، ومن هذه المهارات ما يأتي:
اقرأ أيضًا: ما دور المدير في تطوير الموظفين في بيئة العمل؟
يجب على المؤسسات الاستثمار في تقنية المعلومات وتوفير الأدوات والبرامج اللازمة للعاملين فيها لتحسين كفاءتهم الرقمية، مثل: الحواسيب والبرامج المختلفة وأجهزة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
يجب على المؤسسات تحفيز وتشجيع الموظفين على تحسين مهاراتهم الرقمية، وذلك من خلال إعطاء المكافآت المناسبة والمساعدة في تطوير مهاراتهم الرقمية، وتقديم المكافآت وأساليب التعزيز الأخرى كالترقيات للموظفين الذين يحققون تقدمًا.
يجب على المؤسسات إجراء تقييم دوري لمستوى الموظفين في مجال التعامل مع التكنولوجيا والأداء الرقمي، وذلك لتحديد المجالات التي يحتاج الموظفون إلى تحسينها وتطويرها، وتوفير الدعم اللازم لهم، فالاستثمار في الموظفين يضمن الولاء الوظيفي لمكان العمل وتحقيق نتائج إيجابية ومستدامة.
من التحديات والصعوبات التي تُواجه محو الأمية التكنولوجية، وتُؤثر على أداء المؤسسات ما يأتي:
يُواجه العديد من العاملين في الوظائف المختلفة صعوبةً في التكيف مع التغييرات التقنية والرقمية، خاصةً أنّها سريعة، مما يُؤدي إلى مقاومة تحقيق محو الأمية التكنولوجية في المؤسسة.
يتطلب الوصول إلى محو الأمية التكنولوجيا الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير التدريب والدعم اللازم للعاملين كافة، وقد تُواجه المؤسسات في أثناء ذلك نقص الموارد المالية والبشرية لتحقيق هذه الأهداف.
قد يتمسك بعض الموظفين بالثقافة التقليدية والطرق القديمة في أداء العمل؛ لإيمانهم بالطريقة التقليدية والصورة النمطية لبيئة العمل وعدم قدرتهم على استيعاب المتغيرات، مما يجعلهم يُعارضون التحول الرقمي، ويصعب عليهم تطوير مهاراتهم الرقمية.
يتطلب العمل الرقمي تحديثات دورية وحماية البيانات والمعلومات، وهو ما يُشكل تحديات كبيرة للشركات في ضمان الأمن.
قد يكون هناك صعوبة تتعلق في تكامل الأنظمة والتطبيقات المختلفة في الشركة، وبالتالي هذا يجعل من الصعب على الموظفين تطبيق مهاراتهم الرقمية بشكل فعال.
اقرأ أيضًا: ما هي قواعد العمل داخل الشركات؟
إنّ محو الأمية الرقمية من التحديات التي تُواجه أصحاب العمل في سبيل رفع أداء المؤسسات، وهذا يتطلب تبني استراتيجيات مناسبة وتوفير الدعم اللازم للموظفين، فضلًا عن التعريف بأهمية التحول الرقمي وتدريبهم على استخدام التقنيات والأنظمة الرقمية، إذ يُمثل محو الأمية التكنولوجيا في بيئة العمل عاملًا حاسمًا في تحسين الأداء العام وزيادة فرص النجاح في السوق، ويجب على المؤسسات توجيه جهودها لتحقيق ذلك في كافة الأقسام والتخصصات المختلفة.
مقالات ذات صلة