للسلطة تأثير عميق على عمليات الدماغ والسلوك البشري، إذ إنّ ممارسة السلطة تُعزز من بعض الدوائر الدماغية المسؤولة عن اتخاذ القرارات والثقة بالنفس. ولكن في المقابل، قد تُؤدي السلطة المفرطة إلى تغييرات في الدماغ تُؤثر في التفاعلات الاجتماعية والقدرة على فهم وجهات نظر الآخرين، وهذا المقال سيستكشف تأثيرات هذه الديناميات على الدماغ وسلوك الفرد.
يُعد مفهوم السلطة أحد المفاهيم الأساسية التي ترتبط بالبيئة العملية والتنظيمية، إذ إنّها تُمثل واحدة من أهم العوامل التي تؤثر في ديناميات وديموغرافيا العمل، وتؤدي دورًا حيويًا في تحديد العلاقات والتفاعلات بين أفراد المؤسسة، فالسلطة هي القدرة على التحكم واتخاذ القرارات وتوجيه السلوك في سياق البيئة المحيطة. وبصفة عامة، تنقسم السلطة إلى عدة أنواع تتضمن السلطة الهرمية (التنظيمية) والسلطة الخبرية (المعرفية) والسلطة الاجتماعية، وكلها تؤدي دورًا مهمًا في تشكيل طبيعة العمل والعلاقات بين الأفراد في البيئة العملية، ويتمثل تأثيرها على الدماغ فيما يأتي:
يُمكن أن تُؤدي السلطة إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، وهو هرمون مرتبط بالتوتر والاستجابة عندما يشعر الفرد بالخطر أو التهديد، وهذا يُؤثر على العمليات العصبية والسلوكية من خلال ما يأتي:
تمت دراسات باستخدام تقنيات، مثل: تحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة لفهم تأثير القوة على الدماغ، وتبيّن أنّ هذه التقنيات قد تُسبب ضعفًا في عمليات عصبية معينة تُعرف باسم “الانعكاس”، والتي تلعب دورًا في تنمية التعاطف والقدرة على فهم مشاعر الآخرين.
تُشير التجارب التي أجريت على الأشخاص الذين يشعرون بالقوة إلى تغييرات في سلوكهم واستجاباتهم، فقد ارتفعت نسبة الأشخاص الذين تملكوا القوة، وقادوا دراسة لرسم حرف “E” على جبينهم بشكل صحيح لأنفسهم أكثر من الآخرين.
تُظهر الدراسات أنّ الأشخاص القويين يميلون إلى الاعتماد على الصور النمطية لتقييم الآخرين، ويُظهرون صعوبة في فهم مشاعر وجهات نظر الآخرين.
تُظهر الأبحاث أنّ الأشخاص القويين يُمكن أن يفقدوا القدرة على محاكاة تجربة الآخرين بشكل كامل، مما يُؤدي إلى نقص في القدرة على التعاطف وفهم مشاعر الآخرين.
بشكل عام، يُمكن القول إنّ القوة تُؤثر على الدماغ من خلال تغييرات في العمليات العصبية والسلوكية، وتقليل قدرة الأشخاص على التفاعل بشكل فعّال مع مشاعر وتجارب الآخرين، وهذه التأثيرات قد تكون ذات أهمية في السياقات الاجتماعية والقيادية، إذ يُمكن أن تُؤثر على تفاعلات الأفراد مع بعضهم البعض وعلى قدرتهم على فهم ومحاكاة مشاعر الآخرين.
اقرأ أيضًا: تأثير إدارة المواهب على الأداء التنظيمي للشركات
الدوبامين هو ناقل عصبي يلعب دورًا في التعلم والذاكرة، وإنّ انخفاض مستويات الدوبامين يُمكن أن يُؤثر بشكل كبير على وظائف الدماغ والسلوك البشري، وبعض الطرق التي يُمكن أن يُؤثر بها انخفاض مستويات الدوبامين على السلطة والتفكير فيما يأتي:
يُعتقد أنّ ارتباط انخفاض مستويات الدوبامين بتقليل التحفيز والاندفاع، يُمكن أن يُؤدي هذا إلى تقليل الرغبة في تحقيق الأهداف وتنفيذ المهام المطلوبة في موقف ذي سلطة، وبالتالي قد يتجاوب الأفراد الذين يعانون من انخفاض مستويات الدوبامين بشكل عام بشكل أقل مع المتطلبات القيادية.
الدوبامين يلعب دورًا في تعزيز التعلم واتخاذ القرارات من خلال تعزيز الانتباه والتركيز على المكافآت المحتملة، وإذا انخفضت مستويات الدوبامين، قد يكون من الصعب تقييم الأوضاع بشكل صحيح واتخاذ قرارات مستنيرة، وهذا يُمكن أن يُؤثر سلبًا على قدرة الشخص في موقف سلطة على اتخاذ القرارات الفعالة والاستراتيجيات الجيدة.
الدوبامين يُساهم في تحسين الانتباه وتعزيز الذاكرة، وإذا انخفضت مستويات الدوبامين، قد ينعكس ذلك على قدرة الشخص على التركيز على معلومات مهمة وتذكرها بشكل جيد، وهذا يُمكن أن يُؤثر في القدرة على تلقي وتحليل المعلومات المهمة في موقف سلطة.
انخفاض مستويات الدوبامين قد يتسبب في تقليل مستويات التحفيز الذاتي والحماس، وقد يجد الأفراد أصعب التفاعل بإثارة واهتمام مشاريعهم ومهامهم إذا كان لديهم انخفاض في الدوبامين.
تُظهر الدراسات أنّ الأشخاص الذين يمتلكون القوة يُظهرون تغييرات في تصرفاتهم ومشاعرهم من خلال ما يأتي:
إنّ الأشخاص الذين يمتلكون القوة يبدو أنّهم يُظهرون تغييرات في سلوكهم وردود أفعالهم، فعلى سبيل المثال، يتصرفون بشكل أكثر اندفاعًا وأقل وعيًا بالمخاطر، ويميلون إلى القليل من القدرة على رؤية الأمور من وجهة نظر الآخرين.
تُشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يمتلكون القوة يُظهرون نقصًا في القدرة على فهم وتحليل مشاعر الآخرين وتوقعاتهم، ويبدو أنّهم يفقدون القدرة على محاكاة تجارب الآخرين بشكل فعّال، مما يُؤدي إلى نقص في التعاطف.
يميل الأشخاص الأقوياء إلى الاعتماد على الصورة النمطية للآخرين بدلًا من تحليل مميزات كل فرد بشكل فردي، وهذا يُمكن أن يُؤدي إلى تبسيط رؤيتهم للعالم والناس.
تُشير بعض الأبحاث إلى أنّ الأشخاص الأقوياء قد يكونون أقل قدرة على تحديد مشاعر واحتياجات الآخرين من خلال التفاعلات الاجتماعية، ويُمكن أن يعود ذلك جزئيًا إلى تركيزهم على النماذج العامة والمعايير الثابتة.
اقرأ أيضًا: الاستثمار العاطفي: كيفية تأثيره في ثقافة الشركة
الأشخاص الأقوياء قد يكونون أقل عرضة لتقليد سلوكيات وتصرفات الآخرين، وهذا يُمكن أن يُؤثر في قدرتهم على فهم والتفاعل مع الآخرين بشكل فعّال.
بعض الأسئلة الشائعة حول السلطة والقيادة فيما يأتي:
إنّ السلطة هي القدرة على التحكم في الآخرين أو تأثيرهم بناءً على الموقف الرسمي أو المنصب، بينما القيادة تتعلق بالقدرة على توجيه وإلهام الفريق أو المجموعة من خلال تحفيزهم وتوجيههم نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
نعم، يُمكن للقائد أن يكون لديه تأثير وتوجيه على الآخرين دون أن يمتلك سلطة رسمية، والقيادة الفعالة تأتي من القدرة على إلهام الآخرين وبناء علاقات ذات تأثير، بغض النظر عن المنصب الرسمي.
إنّ المهارات الرئيسية للقيادة تشمل التواصل الفعال، وقدرة الاستماع، وتحفيز الفريق، وتوجيه الرؤية، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، وتنمية المهارات الفردية والجماعية.
نعم، يُمكن للسلطة أن تكون سلبية إذا تم استخدامها بطرق تسبب القهر أو التحكم غير العادل، فالسلطة السلبية قد تؤدي إلى عدم التواصل، وفقدان الثقة، وتدهور العلاقات في المجموعة.
مفهوم السلطة يُمكن أن يُؤثر بشكل كبير على عملية تفكير الإنسان، فعندما يمتلك الشخص سلطة أو منصبًا رفيعًا، يُمكن أن يُؤدي ذلك إلى تغيير في هيكل الدماغ ووظائفه، مما يُؤثر في قراراته وتفاعلاته واستجابته للمحيط.
اقرأ أيضًا: 9 طرق لتعزيز تطوير الموظفين في بيئة العمل
للسلطة على الدماغ تأثير في طريقة تفكير الإنسان والعمليات العقلية، وانخفاض مستويات الدوبامين قد يُؤدي إلى تقليل قدرة الشخص على التعاطف واتخاذ قرارات جريئة، ويبدو أنّ توازن السلطة يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على قدرات الفهم والتفاعل بشكل صحيح مع الآخرين، وتعزيز عمليات التفكير الاستراتيجي واتخاذ القرارات المتوازنة.
مقالات ذات صلة