لا يخفى على أحد أهمية شعور الموظفين بالسعادة والراحة أثناء العمل، حيث يُساهم هذا الشعور في الانخراط بالعمل والإنتاجية والتحفيز، خاصةً إذا صاحب ذلك الثقة والدعم من قِبل الإدارة، ومع ذلك لا تعي بعض الشركات أهمية ذلك وتأثيره على الولاء الوظيفي، اعتقادا منهم بأنّ المهنية والاحترافية في العمل لا تتطلب الاهتمام بالعواطف والمشاعر، لذلك ستتعرف في هذا المقال على مفهوم الاستثمار العاطفي للموظفين وتأثيره في بناء ثقافة شركة إيجابية.
إنّ الاستثمار العاطفي للموظفين مفهوم يرتبط بالذكاء العاطفي للموظفين داخل الشركة، ومدى تشجيعهم على مشاركة مشاعرهم، وتعزيز التفاهم بين الموظفين والإدارة وجعله أكثر عمقًا، إلى جانب تعزيز ثقافة الشركة، إذ يكون الهدف من ذلك التأثير في توجيه السلوك للتكيف مع المتغيرات، والقدرة على التمييز بين المشاعر المختلفة.
يُؤثر استثمار الموظفين عاطفيًا في استراتيجيات تطوير الموظفين وعمليات الاحتفاظ بهم، مما سينعكس إيجابيًا على ثقافة العمل، وبالتالي ستقل معدلات دوران العمالة والتسرب الوظيفي داخل الشركة، مما يُعطي دفعةً لخطط سير العمل.
إنّ القيادة الناجحة والإدارة الفاعلة، التي تهدف إلى تطوير الموظفين والتأثير في الولاء الوظيفي، هي التي تُدرك دورها وحجم مسؤوليتها عن رفاهية موظفيها، خاصةً بما يتعلق بالصحة العقلية والنفسية في مكان العمل، مما يرتبط بشكل مباشر على الرضا الوظيفي.
إنّ الشركة التي تسعى إلى تطوير بيئة العمل عن طريق بناء ثقافة فاعلة، والسعي الدائم لمواكبة التطورات في مجال الموارد البشرية، تضمن النجاح والاستدامة في المستقبل، إلى جانب التأثير في الموظفين وكسب ولائهم، وتتلخص كيفية تأثير استثمار الموظفين عاطفيًا في بيئة العمل بما يأتي:
إنّ استثمار الموظفين عاطفيًا يُساعد في خلق بيئة عمل صحية وإيجابية وسعيدة، حيث إنّ الشركات تُحاول التعرف على المشكلات، وتُعالجها بشكل تعاوني وودي، إلى جانب دعم ثقافة الاستماع ومشاركة الآراء، فهي تعي أهمية إدارة الموظفين، خاصةً الكفاءات، وأنّ نجاح الموظف واستقراره في جميع الجوانب هو نجاح للشركة واستقرارها.
اقرأ أيضًا: إدارة المواهب: أهميتها والأسئلة الشائعة حولها
إنّ الشركات التي تتمتع بدعم الذكاء العاطفي تهتم بإشراك وتمكين القوى العاملة لديها، وهذا سيُساهم في تنمية المهارات الشخصية والمهنية بفاعلية، وبالتالي سيُساعد ذلك في إيجاد حلول مبتكرة، فوفقًا لتقرير نشرته Harvard Business Review عن الشركات التي تسعى إلى تمكين العمالة وبناء ثقافات فاعلة أنّها تتمتع بولاء العملاء لها وتجارب عملاء أفضل من غيرها، بفعل السماح للموظفين بتطوير حلول مبتكرة.
إنّ استثمار الموظفين عاطفيًا يُشعرهم بأهميتهم داخل الشركة، وذلك إذا كانت تهتم بتقديم حوافز معنوية وخطط تطوير تنموية وغيرها، فلن يُفكر أيّ موظف بترك عمله، وهذا ما أكدت عليه أحد استطلاعات Harvard Business Review لعام 2019 على أنّ 82% يُفكرون بترك وظائفهم للانضمام إلى شركات تُقدّر عواطفهم، وتدعم هذه الثقافة.
مادام الموظف يشعر أنّه في بيئة عمل تتبنى ثقافة عاطفية صحية، وتضعه على رأس أولوياتها وأهدافها، سيشعر بانتماء كبير لهذا المكان، وبالتالي يتأثر أداؤه الوظيفي، حيث سيُشارك في طرح الأفكار وتقديم أفضل ما لديه لتطوير المنظومة وإنجاح فريقه.
من النصائح والطرق التي تفيد في استثمار الموظفين عاطفيًا ما يأتي:
اقرأ أيضًا: استقطاب الكفاءات: ما هي أفضل الأساليب لذلك؟
إنّ استثمار الموظفين عاطفيًا سيف ذو حدين، فقد يخلق لديهم شغفًا ودافعًا إيجابيًا يزيد من نسبة الرضا الوظيفي، أو يكون عبئًا ثقيلًا على كاهل الموظف، وعليه يُوجد سلبيات لاعتماد ثقافة الشركة هذه الاستراتيجية، وتشتمل هذه السلبيات على ما يأتي:
خاصةً إذا كانت طبيعة العمل عن بعد، إذ لا يُوجد حدود أو فواصل بين ما هو مهني وما هو شخصي، وبالتالي سيتسبب ذلك بشعور الموظف أحيانًا بالغضب والقلق وعدم معرفة إدارة الوقت.
إنّ الموظفين الذي يشعرون بأنّهم مستثمرون عاطفيًا قد يتولد لديهم شعورًا بالمسؤولية اتجاه تكريس أنفسهم لنجاح الشركة، وهذا أمر إيجابي إن كان معقولًا، ولا يتبعه مشاعر سلبية، مثل: الاهتمام الزائد برأي الأشخاص، والإحباط عند التعرض للانتقاد، ويُمكن حل هذه المشكلة برصد وتدوين الانتقادات وتقييمها، ووضع رؤية شخصية حول إمكانية تحسين المهارات وسير العمل.
إنّ الموظفين المستثمرين عاطفيًا يجب أن يكون لديهم وعي ذاتي وقدرة على التحكم بعبء العمل وعدم نقله إلى البيت معهم، فهُم بحاجة إلى الراحة والاسترخاء، حتى لا يشعروا بالإرهاق، وعليه يجب أن يقوموا بمجموعة من الأمور التي تُخرجهم من حالة ارتبطاهم الزائد بالعمل، مثل: وضع منبه للمطالبة بإنهاء العمل، إغلاق جهاز الحاسوب وتسجيل الخروج من أنظمة الشركة بعد انتهاء ساعات العمل.
اقرأ أيضًا: 9 طرق لتعزيز تطوير الموظفين في بيئة العمل
إنّ الاستثمار بالموظفين عاطفيًا مهم أيضًا بالنسبة للقوى العاملة الافتراضية، خاصةً أنّ جزءًا كبيرًا من الأعمال اليوم يتم عن بعد، ويكون ذلك بتعزيز التواصل الإلكتروني لتفادي تعرض أيّ موظف للإرهاق والاكتئاب، والحديث معهم أيضًا حول الذكاء العاطفي وأهمية الوعي بالذات وغيرها من القضايا ذات الصلة.
وفقًا لمسح حديث أجرته جمعية إدارة الموارد البشرية SHRM بيّنت فيه أنّ 41% من الموظفين يشعرون بالإرهاق في العمل عن بعد، و45% بيّنوا أنّهم مرهقون عاطفيًا، وأفاد ما بين 22% و 35% من الموظفين أنّهم يُعانون من أعراض الاكتئاب في كثير من الأحيان، وكثير منهم لم يتخذ أيّ إجراء للتعامل مع هذه الأعراض، لذلك إنّ أهمية دعم الموظفين عاطفيًا أمر حيوي يضمن سير العمل وجودة الأداء العام.
إنّ الاستثمار العاطفي للموظفين أمر يُساهم في بناء ثقافة عمل صحية وإيجابية، ويُعزز الولاء الوظيفي، ومن خلاله يستطيع كل موظف أداء عمله بحب وعزيمة ومهنية عالية، ولكن مع الوعي والتأكيد على أهمية عدم الإفراط في العمل، حتى لا تتأثر الحياة الشخصية بالعمل، وينتج عن ذلك شعور بالاستنزاف والقلق والاكتئاب.
مقالات ذات صلة
هل تعمل في مجال المبيعات العقارية؟
خصص بضعة دقائق لملء هذا الاستبيان
وساهم بشكل مباشر في تطوير حلول مصممة خصيصاً لمواجهة التحديات في مجال المبيعات العقارية.
شارك الآن وكن جزءا من التغيير