إنّ التسرب الوظيفي مشكلة تُواجه أصحاب الشركات، فهو يُؤثر على أداء الموظفين، ويُكلّف الشركة المال والجهد والوقت؛ لأنّ ترك مجموعة من الموظفين العمل خلال فترة معينة، يُجبر الشركة على البحث عن آخرين بدلًا منهم، مما يُلزم عليهم تدريبهم وتجربتهم حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة، وأما عن أسباب التسرب، فتعود إلى عاملَين؛ عامل طوعي أيّ برغبة من الموظف، وعامل غير طوعي أيّ بإجبار من الشركة.
التسرب الوظيفي؛ هو المغادرة الطوعية أو غير الطوعية لعدد من الموظفين في شركة ما خلال فترة زمنية معينة، وقد يكون دلالةً على وجود مشكلات هيكلية داخل الشركة، أو لأسباب شخصية خاصة بالموظف، وأهم أسباب التسرب ما يأتي:
إنّ البيئة السامة غير المشجعة والمحفزة على التطور، والتي تُضعف من روح الموظف المعنوية والنفسية، قد تدفعه نحو خيار البحث عن عمل في شركات أُخرى، ومن أهم المؤشرات على البيئة غير المريحة والسامة ما يأتي:
في ضوء ما سبق، إنّ تردي البيئة الوظيفية هو نتيجة لتراكمات سابقة، لم تحصل بين ليلة وضحاها، ولا هي نتيجة لأداء الموظفين، بل يعود السبب إلى تجاهل الإدارة للمشكلات، ورفض الاعتراف بوجود خلل ما، ويكون علاج ذلك بإجراء العديد من التعديلات للتحسن تدريجيًا، وتفعيل دور قسم الموارد البشرية بشكل أكبر.
إنّ وجود سياسة واضحة داخل الشركة تُسهم في توفر قوانين وضوابط، بدءًا من العقود وصولًا إلى التنظيم، وغياب هذا الأمر قد يُسبب لتقديم الموظف استقالته؛ لعدم فهمه آلية العمل، كما أنّ غياب سياسة محددة وواضحة سيُتيح المجال لتعدد السياسات وغياب الاستقرار، وعن كيفية إنشاء سياسة واضحة ومحددة فيما يأتي:
اقرأ أيضًا: نصائح لعملية اتخاذ القرارات للمديرين الجدد.
يُمكن أن يجبر المدير السيئ وأسلوبه التعسفي الموظف على تقديم استقالته، فالتعامل مع مدير متسلط يزيد العبء على الموظف، إذ لا يشعر بالاحترام والتقدير، ويظل في حالة توتر دائم، مما يُؤثر على أدائه الوظيفي، ومن صفات المدير المتسلط ما يأتي:
أحد أسباب التسرب الوظيفي هي غياب العدالة بين الموظفين، وذلك عندما يشعر الموظف بتفضيل موظف آخر عليه، بالرغم من تشابه القدرات، بالإضافة إلى وجود الواسطة والمحسوبية، هذا كله يُؤدي إلى ضعف الإنتاجية وغياب الجدية، والتأثير السلبي على نفسية الموظف، مما يدفعه إلى الاستقالة والبحث عن عمل آخر.
بالإضافة إلى ما سبق، إنّ حل هذه المعضلة يكون عبر التواصل البناء مع الموظفين، والعدالة في توزيع المهمات المختلفة، حتى يحصل كل موظف على المكافأة والترقية التي يستحقها، إلى جانب الشفافية والمهنية العالية في التعامل.
إنّ صعوبة الاندماج مع الموظفين، وانعدام توفر ثقافة تنظيمية للشركة، قد تدفع الموظف إلى الاستقالة، فعدم الاندماج مع الموظفين الآخرين يعني عدم وجود تعاون فيما بينهم، بالإضافة إلى عدم سعي الشركة إلى تعزيز شعور الانتماء لدى موظفيها، لذلك على الشركة أن تقوم بتعزيز عناصر ثقافتها التنظيمية إلى جانب أهدافها وقيمها.
جديرٌ بالذكر أنّ إحدى الشركات المتخصصة في مجال الموارد البشرية والتدريب أجرت استطلاعًا حول الاندماج بين الموظفين في بيئة العمل، وكانت النتيجة هي أنّ 91% من المدراء يعتبرون بأنّه لا يُوجد اندماج بين موظفيهم، وعلى الجانب الآخر ذُكر في الاستطلاع أنّ 75% من الموظفين الذين يخضعون لبرامج الاندماج يُعزز ذلك لديهم الإخلاص والانتماء للمؤسسة.
اقرأ أيضًا: لماذا يترك الشباب وظائهم بأعداد كبيرة.
إنّ قلة الحوافز أحد أبرز أسباب التسرب الوظيفي، أكانت هذه الحوافز ماديةً أو معنويةً، فوجودها يضمن التعزيز الإيجابي على نفسية الموظف، بالإضافة إلى زيادة عطائه ودافعيته للتطور، أما غيابها فيُؤدي إلى إحباط الموظف، مما يدفعه نحو خيار البحث عن عمل آخر.
في هذا الصدد كثير من الشركات تظن بأنّ الحوافز المادية هي المحرك الوحيد لسلوك الموظفين، إلا أنّ هذا الأمر خاطئ، فالحوافز المادية مهمة إلى جانب الحوافز المعنوية، مثل: تقدير جهود العاملين، والترقية، والحفاظ على بيئة مستقرة.
كما أنّ سر نجاح الحوافز هو أن تكون أهداف الشركة واقعيةً، وذلك يكون عبر سياسات تُمكّنها من تنفيذ خططها، بالإضافة إلى ارتباط الحوافز بجهود العاملين وتناسبها مع ذلك، إلى جانب الحفاظ على المرونة والعدالة والوضوح ودراسة الجدوى المادية على المدى البعيد.
إنّ قيام الموظف بالمهام نفسها يوميًا، بعيدًا عن أيّ تغيير أو طرح فكرة جديدة، يُؤدي إلى التسرب الوظيفي، ويدفع الموظف إلى البحث عن عمل آخر، وتتلخص أسباب الملل من والتفكير بالاستقالة فيما يأتي:
بالإضافة إلى ما سبق، يُوجد علامات دالة على وقوع الموظف ضحية الروتين، منها: عدم الرغبة ببذل أيّ جهد، وفقدان الدافع، والبحث في إعلانات الوظائف، والقلق الزائد، ويكمن دور الشركة في هذا الموضوع بما يأتي:
إنّ وجود هدف وظيفي لدى الموظف مهم؛ لأنّه يُساعد في التخطيط للمسيرة المهنية، وغياب هذا الأمر يُؤدي إلى ضياع البوصلة وتشتت الجهود وغياب الشغف، مما ينتج عن ذلك تقديم الموظف لاستقالته والبحث عن عمل آخر، لذلك من أهم الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي تفكير الموظف بما يُريد أن يكون وليس ما هو عليه الآن، كما أنّ كثيرًا من الشركات تُركز على الهدف الوظيفي عند التقدم إليها.
إنّ تحديد الهدف الوظيفي ليس أمرًا معقدًا، بل يحتاج التفكير بدقة في المستقبل مع المعرفة الكاملة بالإمكانيات، وتوضيح ذلك فيما يأتي:
اقرأ أيضًا: المهارات الإدارية الفعالة.
إنّ قسم الموارد البشرية في الشركة له دور مهم في الوقوف على أسباب التسرب الوظيفي والبحث عن حلول جدية، وذلك من خلال قياس مدى الرضا الوظيفي عن طريق استطلاع رأي الموظفين، وخلق ثقافة تنظيمية لتطوير الأداء العام، وتعريف المدراء بخطورة التسرب ونتائجه السلبية على الشركة والموظف؛ وذلك بهدف ضمان استمرار النجاح والإنتاجية.
كما أنّه من المهم الأخذ بعين الاعتبار إنشاء استراتيجية واضحة للموارد البشرية، حتى يشعر الموظف وإدارة الشركة بأهمية تحقيق الهدف والرؤية ومواكبة التطورات والتغيرات التي قد تطرأ في المستقبل، وهذا كله يخلق تكاملًا بين الأطراف جميعها.
مقالات ذات صلة