مع النشاط الرقمي الواسع الذي جعل من الأفراد مدمنين على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل المختلفة خسر الناس الخصوصية، وفقدوا التركيز بشكل غير واعٍ، إذ يستمر تفقد الإشعارات على الهاتف بشكل متكرر من غير ضبط لعمليات الرد والتنبيهات والتصفح، لذلك ظهر مصطلح جديد عُرف باسم “الصيام الرقمي”، وستتعرف عليه أكثر من خلال هذا المقال وفوائد تطبيقه في شهر رمضان.
الصيام الرقمي أو الصيام الإلكتروني (بالإنجليزية: Digital Detox)؛ هو أخذ استراحة من استخدام الأجهزة الإلكترونية ووسائل التكنولوجيا الحديثة، أيّ الصيام عن استعمال الهواتف الذكية والحواسيب ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية المختلفة خلال فترة زمنية محددة، مثل: شهر رمضان، أو تحديد ساعات الاستخدام، ويُساعد الصوم الرقمي على تحسين الصحة العقلية وزيادة التركيز والابتعاد عن مسببات التشتت، ويُمكن لهذا النوع من الصيام أن يكون مفيدًا للأشخاص الذين يُعانون من الإدمان على التكنولوجيا، وتتسبب لهم بالقلق والتوتر.
بالنسبة للعديد من الأشخاص، يُعد التواصل والانغماس في العالم الرقمي مجرد جزء من الحياة اليومية، ووفقًا لبحث أجرته شركة Nielsen، يقضي الشخص البالغ العادي في الولايات المتحدة حوالي 11 ساعة يوميًا في الاستماع إلى الوسائط أو مشاهدتها أو قراءتها أو التفاعل معها.
هناك العديد من الأسباب التي قد تجعلك ترغب في التخلي عن هاتفك المحمول والأجهزة الأخرى لفترة وجيزة، إذ قد ترغب في الاستمتاع بوقتك مع نفسك دون تدخل من هاتفك والأجهزة الأخرى، ولكن قد تشعر أنّ استخدام جهازك أصبح مفرطًا، ويزيد من الضغط على حياتك، وفي بعض المواقف.
قد تشعر أنّك مدمن على أجهزتك رغم أنّ إدمان التكنولوجيا غير معترف به رسميًا على أنّه اضطراب DSM-5، إلا إن العديد من الخبراء يعتقدون أنّ الإفراط في استخدام التكنولوجيا والأجهزة يُمثل إدمانًا سلوكيًا حقيقيًا للغاية يُمكن أن يُؤدي إلى مشكلات جسدية ونفسية واجتماعية.
تكمن فوائد الصيام الإلكتروني خاصةً في شهر رمضان فيما يأتي:
إنّ كثرة الإشعارات والتنبيهات تتسبب في تشتت الإنسان، مما يُؤدي إلى عدم القدرة على الانتباه لما يحدث في المحيط، ويأتي هذا النوع من الصوم ليزيد القدرة على التركيز وأداء المهام اليومية بشكل أفضل.
اقرأ أيضًا: كيف تبدأ أول يوم عمل في رمضان؟
إنّ كثرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يُسبب ضغطًا وإرهاقًا شديدًا، وهذا يُؤدي إلى انتشار الاستياء، لذلك يأتي الصوم الرقمي ليُشعر الشخص بالهدوء، وذلك بمجرد خفض الاستهلاك اليومي للمنصات الرقمية.
إنّ تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متكرر يستنزف الوقت، ويُؤدي إلى ضياعه، فمن غير أن يعي الشخص كمية الوقت المهدر يظل لساعات طويلة دون الشعور بالملل أو أخذ استراحة، وهذا كله دون فائدة ملموسة وحقيقية، فالصوم عن المنصات الرقمية يُساعد في ضبط الوقت وإدارته بشكل جيد.
يُؤدي قضاء وقت طويل على المنصات الرقمية إلى الانعزال عن المجتمع والعائلة خاصةً، لذلك يأتي الصوم الرقمي ليُساعد على تحسين العلاقات الاجتماعية والتفاعل بشكل طبيعي مع العائلة والأصدقاء بدلًا من العالم الافتراضي.
هناك علامات تدل على أنّك بحاجة إلى أخذ استراحة من المنصات الرقمية خاصةً في شهر رمضان المبارك، وأهم هذه العلامات ما يأتي:
إنّ ما سبق ذكره هي علامات حمراء تدل على أهمية أخذ خطوة حقيقية في سبيل الحفاظ على التركيز والصحة الجسدية والعقلية، ولأداء المسؤوليات المطلوبة منك على أكمل وجه ودون تقصير أكان ذلك في المنزل أو العمل أو أداء العبادات في شهر رمضان.
نشرت جمعية علم النفس الأمريكية دراسة في عام 2017، مفادها أنّ ما يُقارب خُمس الأشخاص يقولون إنّ التكنولوجيا مصدر للتوتر. و 43% من أفراد العينة يتفقدون بريدهم الإلكتروني، رسائلهم، ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل دوري ومستمر، وهناك آثار جسدية محتملة للبقاء لفترة دائمة أمام الأجهزة الإلكترونية، مثل: آلام الرقبة، وارتفاع ضغط الدم.
اقرأ أيضًا: العمل عن بعد: أهم 11 مهارة تحتاجها لتكون ناجحًا
يُمكن تطبيق الصيام الإلكتروني في شهر رمضان المبارك أو الأشهر الأخرى من خلال اتباع مجموعة من الخطوات، وهي كالآتي:
إنّ كثرة الإشعارات تُشتت الانتباه، خاصةً أنّ هناك إشعارات غير مهمة كالإعلانات وإشعارات التطبيقات، لذلك أوقف هذه التنبيهات أو قُم بتحديد التطبيقات التي تود تلقي الإشعار منها.
بمجرد وجود الهاتف الذكي على الطاولة بجانبك في أثناء العمل أو القيام بأيّ واجب سيُسبب ذلك انخفاض في جودة العمل، إذ إنّه بشكل لا إرادي ستنتظره ليُضيء، ولن يكون دماغك حاضرًا بشكل كامل، حيث أوضحت الأخصائية الاجتماعية إليزابيث لاموت: “كلما زادت الطاقة التي نُوجهها نحو أجهزتنا، قلّت الطاقة التي نُوجهها لمن هو معنا في الغرفة“.
في كثير من الأحيان نشعر بالفراغ بعيدًا عن أجهزتنا، إذ يظن الكثيرون أنّ الرفاهية هي في كثرة تصفح المنصات الرقمية، ولكن في الحقيقة هذا الأمر سعادة مؤقتة تُبعدنا عن كل من حولنا وعن أنفسنا، وعليه يجب تحديد ساعات عدم استخدام وسائل التواصل.
يُفضل العديد من الأشخاص استخدام هواتفهم كمنبه، ولكن يجب ترك الهاتف الخلوي خارج غرفة النوم ليلًا، إذ يُمكن استخدام ساعة التنبيه كبديل.
إنّ كثرة الأجهزة التكنولوجية أمر سيئ يُقلل من التركيز ويُشتت الانتباه، لذلك يُفضل التركيز على استخدام جهاز واحد لعدد ساعات معينة.
من النصائح التي تُساعد على تطبيق الصيام الإلكتروني ما يأتي:
اقرأ أيضًا: 9 طرق لتعزيز تطوير الموظفين في بيئة العمل
إنّ تطبيق الصيام الرقمي خاصةً في شهر رمضان المبارك يُعد تجربةً مفيدةً وغنيةً تعود بالنفع على تحسين الصحة العقلية والجسدية، وتعزيز القدرة على الانتباه ورفع مستوى التركيز، والحد من التوتر والقلق والاضطرابات النفسية، ويُحسن العلاقات الاجتماعية، إذ إنّ الجلوس لساعات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي يُؤدي إلى الانعزال وقلة التفاعل مع المحيط ويحمل مخاطراً صحية لا يستهان بها.
مقالات ذات صلة