إنّ أحد العوامل المهمة في نجاح أيّ مشروع أو مؤسسة أو عمل ما هو الإدارة الناجحة، لذا لا بُد لأيّ شخص إداري، أو يود العمل في مجال الإدارة أن يُراعي الكثير من المبادئ والنصائح والقواعد العامة التي من خلالها سيضمن نجاح عمله، والحفاظ على بقائه واستمراريته، فالمشروعات الناجحة تحتاج إلى إدارة جيدة وحكيمة، وفي هذا المقال ستتعرف على نصائح إدارية ذهبية يُقدمها الكاتب والدبلوماسي السعودي غازي القصيبي.
وُلد غازي القصيبي عام 1940م في المملكة العربية السعودية، حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كاليفورنيا والدكتوراه في نفس المجال من لندن، ثم عاد إلى السعودية، وعمل عميدًا لكلية التجارة في جامعة الرياض، وبعد ثلاث سنوات أصبح المدير العام لمؤسسة السكك الحديدية، كما عُيّن رئيسًا لوزارة الصناعة والكهرباء، وعمل سفير السعودية لدى بريطانيا عام 1992م، وزير الصحة عام 1982م، وزير المياه والكهرباء 2003م، ووزير العمل عام 2005 م، كما كان عضوًا مهمًا وفعّالًا في عدة هيئات حكومية.
إنّ كتاب حياة في الإدارة من أشهر كتب القصيبي التي قدم فيها نصائح إدارية ملهمة، إذ تناول فيه سيرة حياته في طفولته وتعليمه الأولي، ومسيرته الوظيفية وتجاربه في الإدارة، والظروف والمنعطفات التي مرّ بها ليجعل منها دروسًا وعِبر تُوجّه الشباب، وقد تضمّن الكتاب توجيهات ونصائح كثيرة للإداريين وللشباب، منها الآتي:
يجب أن يمتلك القائد الإداري ثلاث صفات مهمة، وهي: المقدرة على معرفة القرار الصحيح وجوهرها الحكمة، المقدرة على اتخاذ القرار الصحيح وجوهرها الشجاعة، والأخيرة المقدرة على تنفيذ القرار وجوهرها المهارة، وتشمل المهارة القدرة على التحفيز، وشرح القرار، وإزالة العقبات، والكثير من الصبر، يقول:
“إذا كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع“.
يرى غازي القصيبي أنّ الآخرين لن يُنفّذوا ما يُريد الإداري تنفيذه، ولن يمتنعوا عمّا يُريد الامتناع عنه، إلّا عن طريق الحب والاحترام، الرغبة والثواب والخوف والعقاب، فيبدأ بتحفيزهم من خلال الحب والاحترام، فيٌحبهم ويٌحبونه ويحترمهم ويحترمونه، فيجد كل رغباته تحققت، وفي حال لم تتحقق، يلجأ إلى أسلوب الإغراء والثواب، وإذا تعذر تحقيق الأهداف يكون العلاج الأخير في العقاب.
يجب أن يكون القائد فعّالًا أمام رؤسائه والناس، ولا يجعل إنجازاته في طي الكتمان، فيُقدمها عبر الإعلام، على أن تكون إنجازات حقيقية ومهمة، ليست كلامًا فقط لا يُقدّم ولا يُؤخّر، بل إنجازًا ملموسًا على أرض الواقع.
للنجاح في قيادة الاجتماعات لا بُد من التحضير الكامل والمُسبق لها، واستيعاب كل مادة موجودة على جدول الأعمال، والجاهزية للإجابة على التساؤلات التي قد يُثيرها الأعضاء، بالإضافة إلى احترام رغبات الأعضاء ومشاعرهم، فلا يضغط عليهم الرئيس، ويُرغمهم على التصويت مثلًا، ويحترم نقاط الخلاف معهم، وبإمكانه طلب تقرير يُوضح نقطة الخلاف، كما يُمكنه تشكيل لجنة يترأسها العضو المخالف للبحث في الموضوع، وقد يُؤجل الجلسة.
اقرأ أيضًا: الاستثمار العاطفي: كيفية تأثيره في ثقافة الشركة
على المدير أن يجعل الأبواب جميعها مفتوحة أمام الموظفين في حال رغبوا في تقديم استقالاتهم، ولا يخضع للابتزاز بسبب رفض استقالة الموظفين وتصعيب الأمر عليهم، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية في ظل ابتزازه، مهما كان نوع هذا الابتزاز.
من الضروري تسجيل كل شيء ورقيًا، من نتائج ومخرجات الاجتماعات والاتفاقات والمعاملات وغيرها؛ إذ إنّ الكثير من الناس لا تملك قوة الذاكرة، فلا بُد من الحرص الدائم على الاحتفاظ في كل شيء، يقول:
“لا أذكر أني نمت ليلة واحدة وعلى مكتبي ورقة واحدة تحتاج إلى توقيع. كنت ولا أزال أدرك أن التوقيع الذي يستغرق من وقت صاحبه سوى ثانية واحدة قد يُعطل مصالح الناس عدة أيام“.
يُشير غازي القصيبي أنّ القائد عندما يحضر على الموعد المحدد، يضمن التزام الموظفين وحضورهم في نفس الموعد، كما أنّ بقاءه إلى النهاية، يضمن بقاء كافة الموظفين إلى نهاية الموعد، فضبط الدوام ليس بالمشكلة الكبيرة، فإذا التزم القائد التزم الموظفون.
يجب على كل شخص أن يعترف بجهله ونقاط ضعفه، ولا يتردد في توضيح رغبته الحقيقة في تحويل نقاط الضعف هذه إلى نقاط قوة، ومعالجتها من خلال خبرة الخبراء ومساعدتهم، يقول:
“الإنسان الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصة حقيقية في تحويلها إلى نقاط قوة“.
يجب على القائد الإداري أن يكون قادرًا على اتخاذ القرارات، ولو كانت صعبةً ومؤلمةً، كنقل موظف من موقعه، وإذا لم يستطع اتخاذ قرار في نقل موظف لم يُقدّم عملًا جيّدًا؛ فلا يصلح أن يكون قائدًا إداريًا، ويقول:
“على صانع القرار ألا يتخذ أي قرار إلا إذا اكتملت أمامه المعلومات“.
يعتبر غازي القصيبي أنّ وجود المساعدين الأكفاء النصف الأول لحل المشكلة، أمّا النصف الثاني فهو القدرة على التعامل معهم، فيجب اختيار مساعدين أصحاب شخصية قوية قادرين على تقديم حلول وإعطاء وجهة نظر، ولا بُد من التعامل معهم وتقبلهم وتحمل متاعب العمل معهم، ويُعدّ ذلك أفضل من وجود أشخاصٍ لا يُسمع منهم سوى: “نعم نعم نعم”.
اقرأ أيضًا: المهارات الإدارية الفعالة
يُمكن استنتاج أنّه يُعتبر وجود المساعدين الأكفاء محفزًا للتفوق والابتكار في العمل، إذ يُمكن الاعتماد عليهم لتقديم الدعم اللازم في تنظيم المهام وتسهيل التواصل الفعال بين الفرق وإدارة المشاريع، ويتمتعون بالقدرة على تحديد الفرص والتحسينات الممكنة وتطبيقها بشكل فعّال، وذلك بصفتهم العمود الفقري للفريق.
كما يستقبل القائد الإداري المديح والثناء عن كل إنجازاته، ويتقبل ذلك بكل سرور، عليه أن يتقبّل كل نقد، ويتحمّل مسؤولية الخطأ، فالقائد الذي ينسب النجاح لنفسه، ويُعلّق الفشل على رقبة العاملين معه، سيخسر ثقتهم، وسيخافون من حدوث الأخطاء مستقبلًا؛ فلا يعملون.
أكّد غازي القصيبي على أنّ الذي لا يُخطئ لا يعمل، وعلى صانع القرار ألّا يتخذ قرارًا إلّا عند حصوله على كافة المعلومات، ولا بُدّ من أن يختبر ويطّلع بنفسه على الخدمة التي يُقدمها الجهاز الإداري الذي يعمل داخله، كما يجب أن يحرص على فتح المجال أمام الآخرين، وسيرى منجزاتهم على أرض الواقع، يقول:
“شعرة معاوية الإدارية التي تُشد وتُرخى، هي التي تشكّل الفرق بين المدير الضعيف والمدير الفعّال والمدير الطاغية“.
اقرأ أيضًا: ما هي قواعد العمل داخل الشركات؟
في ختام هذا المقال الذي، نجد في كلمات غازي القصيبي نصائح إدارية ذهبية تستحق الاهتمام من قِبل مديري الأعمال، تحثنا تلك النصائح على الاستفادة من قدرات المساعدين الأكفاء، فهُم سر نجاح الفرق وتحقيق الأهداف، تشجعنا على توظيف الكفاءات وتطوير مهاراتها لتعزيز الإنتاجية والابتكار في العمل، وبالاعتماد على هذه النصائح، يُمكن لمديري الأعمال النهوض بأداء فرقهم وتحقيق النجاح المستدام في منظماتهم.
مقالات ذات صلة