كيف تحافظ على صحتك النفسية في العمل؟

تُعتبر الصحة النفسية قضية حيوية وملحة في ظل التحديات والأحداث العالمية الراهنة. فقد أصبح الحفاظ على الرفاهية النفسية والعقلية أمرًا لا غنى عنه للعديد من الأشخاص أكثر من أي وقت مضى. لذلك، تسعى المنظمات والاتحادات الصحية العالمية إلى نشر الوعي بأهمية الصحة النفسية وتبادل استراتيجيات الدعم النفسي والاجتماعي في اليوم العالمي المخصص لهذا الحدث.

في هذا السياق، أصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا دراسة شاملة وحصرية توفر بيانات وإحصاءات دقيقة على المستوى العالمي حول الوضع الراهن للصحة النفسية. تهدف هذه الدراسة إلى تزويد المؤسسات والهيئات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بالمعلومات والأدوات اللازمة لمعالجة قضايا الصحة النفسية والرفاهية العقلية بطريقة أكثر فعالية وكفاءة.

من خلال هذه الجهود المتضافرة، تأمل المنظمات الصحية العالمية في رفع مستوى الوعي وتعزيز قدرات المجتمعات لمواجهة التحديات النفسية والعقلية بشكل أفضل. فالصحة النفسية هي أساس رفاهية الإنسان وتمكينه من العيش حياة كريمة وإنتاجية.

جدول المحتويات

ما هي الصحة النفسية؟

الصحة النفسية هي حالة التوازن والاتزان التي تمكننا من العيش حياة هانئة وإيجابية. فهي ليست مجرد غياب  أثناء المرض، بل هي قدرتنا على التعامل بفاعلية مع متطلبات الحياة اليومية والتحديات التي تواجهنا، والتمتع بعلاقات إنسانية سليمة، وتحقيق الذات والنمو الشخصي.

تتأثر صحتنا النفسية بعوامل متعددة، منها البيئة المحيطة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، والعلاقات الشخصية، وأساليب التعامل مع الضغوط. لذلك فهي تتقلب وتتغير مع تغير هذه العوامل و مراحل الحياة المختلفة.

في بعض الأوقات، قد نشعر بعدم القدرة على التكيف مع الضغوط والتحديات، وهنا تأتي أهمية اكتشاف هذه المشاعر مبكرًا والحصول على الدعم اللازم. فكلما تمكنا من التعرف على المشكلات النفسية في وقت مبكر، كلما زادت فرص التعافي واستعادة التوازن النفسي.

لا ينبغي أن ننسى أن الصحة النفسية هي حق لكل إنسان، ومسؤولية تقع على عاتق المجتمع بأسره. لذا لنتعاون جميعًا لخلق بيئة داعمة وآمنة تساعدنا على تحقيق أقصى إمكانياتنا والحفاظ على رفاهيتنا العقلية والنفسية.

اقرأ أيضا: 8 طرق للحفاظ على موظفيك من الشعور بملل العمل

ما هي مشاكل الصحة العقلية؟

لا تخلو حياة أي إنسان من التقلبات والضغوطات النفسية، فالشعور بالإحباط أو التوتر أو القلق أمر طبيعي ومؤقت في معظم الأحيان. لكن في بعض الحالات قد تتطور هذه المشاعر لتصبح مشكلات صحية عقلية حقيقية، كالاكتئاب أو اضطرابات القلق، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على حياتنا اليومية وأدائنا الوظيفي والاجتماعي.

وهناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمشكلات الصحة العقلية، كالفقر والظروف الاجتماعية الصعبة، والعوامل الوراثية، وصدمات الطفولة، والتعرض للتمييز أو الإساءة، إضافة إلى الإصابة بأمراض مزمنة أو معقدة. إلا أن ذلك لا يعني أن مشكلات الصحة العقلية مقتصرة على فئة معينة، فهي يمكن أن تطرأ على أي شخص.

وفقاً للإحصائيات، فإن غالبية الناس لديهم تجربة مباشرة أو غير مباشرة مع مشكلات الصحة العقلية، حيث يعاني واحد من كل ستة أشخاص في إنجلترا من أعراض مشكلة صحية عقلية في أي أسبوع معين. كما أن الإصابة بمشكلات صحية عقلية طويلة الأمد يمكن أن تقلل من متوسط العمر المتوقع بما يصل إلى 21 عاماً بسبب المشاكل الصحية الجسدية المرتبطة بها.

من المهم إدراك أن مشكلات الصحة العقلية المختلفة تؤثر على الأشخاص بطرق متباينة، ولا يمكن اختزال تجربة الشخص في تشخيص محدد. فالبعض ممن يعانون من الفصام قادرون على إدارة حالتهم بشكل جيد، في حين قد يتأثر البعض الآخر الذين يعانون من القلق بشكل كبير. لذا  يجب التعامل مع كل حالة على حدة وفهم تجربة الشخص الفريدة.

أهم النصائح للبقاء بصحة نفسية في العمل

الحفاظ على صحتك النفسية في مكان العمل أمر بالغ الأهمية لضمان إنتاجيتك وسعادتك. فيما يلي بعض النصائح الرئيسية التي يمكن أن تساعدك على ذلك:

  • استغل فترة استراحة الغداء بالكامل:

 لا تهمل استراحة الغداء المخصصة لك، فهي فرصة لإعادة شحن طاقتك وتجديد نشاطك. استخدم هذا الوقت لتناول وجبة صحية، والاسترخاء، وممارسة بعض التمارين البسيطة أو القراءة. ستشعر بمزيد من الإنتاجية والتركيز عند عودتك إلى العمل.

  • اخرج للهواء الطلق: 

إذا كان الجو مناسبًا، اخرج في نزهة قصيرة مع زملائك، أو انضم إلى نشاط جماعي كلعب كرة القدم أو التنزه في حديقة قريبة. التواجد في الهواء الطلق يساعد على تجديد نشاطك وتحسين حالتك المزاجية.

  • شارك في تحدٍ رياضي:

 سجّل نفسك مع زملائك في سباق جري أو مشي ترعاه منظمة محلية. التدرب معًا خلال استراحات الغداء سيعزز روح الفريق والإنجاز الجماعي عند إكمال التحدي.

  • استمع إلى  الموسيقى:

 عندما تشعر بالتوتر أو الإرهاق، استمع إلى أغنية هادئة ومريحة لبضع دقائق. الموسيقى البطيئة والهادئة يمكن أن تساعدك على الاسترخاء وتقليل القلق، بينما تحجب الضوضاء المشتتة من حولك.

اقرأ أيضاً: كيف تعتني بنفسك في بيئة العمل السامة؟

  • حافظ على توازن العمل والحياة الشخصية: 

لا تسمح للعمل بأن يستحوذ على حياتك بالكامل. حدد حدودًا واضحة بين العمل والمنزل، واستغل وقت التنقل للاسترخاء وممارسة هواياتك. ساعات العمل الطويلة قد تؤثر سلباً على تركيزك وإنتاجيتك وصحتك.

  • نظّم مهامك وأولوياتك: 

في نهاية كل يوم، راجع قائمة مهامك وحدد الأولويات لليوم التالي. كتابة الأفكار على الورق يمكن أن يساعدك على عدم التفكير في العمل طوال الوقت.

  • اطلب المساعدة عند الحاجة:

 إذا شعرت بأن عبء العمل يفوق قدراتك، تحدث إلى مديرك أو فريق الموارد البشرية أو ممثل النقابة العمالية. لا تتردد في طلب المساعدة لحل المشكلات المتعلقة بالأهداف المنظمة، أو مشاكل التنظيم، أو المواعيد النهائية الضاغطة.

تذكر أن صحتك النفسية هي الأساس لأدائك المثالي في العمل. لذلك، حافظ على ممارسة هذه النصائح واستراتيجيات الاسترخاء والتوازن بانتظام، وستلاحظ التحسن في مزاجك وإنتاجيتك وجودة حياتك بشكل عام.

الأسئلة الشائعة حول الحفاظ على الصحة النفسية في بيئة العمل 

سنقوم بالإجابة على بعض الأسئلة الشائعة وأهمها ما يلي:

1.لماذا من المهم الاعتناء بصحتنا العقلية أثناء العمل؟

يُعتبر الاعتناء بالصحة العقلية أثناء العمل أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب:

  1. زيادة الإنتاجية: عندما نتمتع بصحة عقلية جيدة، نكون أكثر تركيزًا وإبداعًا وقدرة على حل المشكلات بكفاءة، مما ينعكس إيجابياً على إنتاجيتنا في العمل.
  2. تحسين جودة الأداء: الصحة العقلية الجيدة تساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل واتباع أساليب عمل أكثر فعالية، مما يؤدي إلى تحسين جودة الأداء الوظيفي.
  3. تعزيز العلاقات مع الزملاء: عندما نكون في حالة نفسية جيدة، نكون أكثر قدرة على التواصل بشكل إيجابي وبناء علاقات عمل قوية مع زملائنا، مما يخلق بيئة عمل أكثر إنتاجية.
  4. الحد من الإجهاد والاحتراق الوظيفي: الضغوط والتوتر المفرطان في العمل يمكن أن يؤديا إلى الإجهاد والاحتراق الوظيفي، مما قد يؤثر سلبًا على صحتنا العقلية والجسدية. من خلال الاعتناء بصحتنا العقلية، نستطيع التعامل بشكل أفضل مع الضغوط والحفاظ على توازننا.
  5. تحسين جودة الحياة: عندما نكون في حالة نفسية جيدة، نستمتع بحياتنا بشكل أفضل ونكون أكثر سعادة وتوازنًا، مما ينعكس إيجابيًا على جميع جوانب حياتنا، بما في ذلك العمل.

لذلك، من المهم جدًا أن نولي اهتمامًا خاصًا لصحتنا العقلية أثناء العمل، وأن نتبع استراتيجيات لإدارة الضغوط والحفاظ على توازننا النفسي. فهذا سيساعدنا على تحقيق النجاح والرضا في حياتنا المهنية والشخصية على حد سواء.

اقرأ أيضاً: بيئة العمل السامة مقابل بيئة العمل الصحية

2.ما هو مكان العمل الصحي عقليا؟

مكان العمل الصحي عقليًا هو البيئة التي تعزز الصحة النفسية للموظفين وتدعمها. ويتميز بالخصائص التالية:

  1. ثقافة داعمة وشاملة: حيث يشعر الموظفون بالاحترام والتقدير بغض النظر عن خلفياتهم. وتكون هناك سياسات واضحة ضد التمييز والتنمر وتعزز التنوع.
  2. بيئة عمل إيجابية: مكان آمن وصحي ومنظم، مع توفير الموارد والتدريب اللازم لأداء المهام بشكل فعال. كما يتم تشجيع التواصل المفتوح والشفاف بين الإدارة والموظفين.
  3. مرونة في جدول العمل: توفير خيارات مرنة مثل العمل عن بُعد أو ساعات عمل مختلفة لمساعدة الموظفين على الموازنة بين العمل والاستجمام.
  4. دعم الإدارة: حيث تكون الإدارة ملتزمة بالحفاظ على صحة الموظفين النفسية وتوفر التدريب والموارد اللازمة لتحقيق ذلك.
  5. فرص للنمو والتطور: من خلال التدريب المستمر، والتعلم، وفرص الترقي لتعزيز الشعور بالإنجاز والرضا الوظيفي.
  6. برامج دعم الموظفين: مثل برامج الإرشاد والمساعدة للتعامل مع الضغوط النفسية والمشكلات الشخصية بشكل سري.
  7. التوازن بين العمل والحياة: حيث يتم تشجيع الموظفين على الاستمتاع بوقت فراغ كافٍ وأنشطة ترفيهية بعيداً عن العمل.

بشكل عام، يعتمد مكان العمل الصحي عقليًا على بيئة تقدر الموظفين وتلبي احتياجاتهم، مما يخلق جوًا إيجابيًا ومنتجًا ويقلل من مخاطر الإجهاد والاحتراق الوظيفي. وهذا بدوره يعزز الرفاهية العامة والأداء المهني للموظفين.

3.كيف تخبر مديرك أنك تعاني نفسيا؟

يُعتبر التواصل مع المدير حول المشكلات النفسية التي تواجهها أمرًا صعبًا ودقيقًا، لكنه ضروري للحصول على الدعم المناسب. فيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها:

  1. اختر الوقت والمكان المناسبين: اطلب لقاءً خاصًا مع المدير حتى تتمكن من التحدث بثقة وخصوصية. اختر وقتًا هادئًا عندما لا يكون مشغولًا بشكل كبير.
  2. كن مباشرًا لكن محترمًا: اشرح بوضوح أنك تواجه تحديات في صحتك النفسية دون الدخول في تفاصيل شخصية مفرطة. يمكنك البدء بجملة مثل: “أشعر بضغوط نفسية كبيرة في الآونة الأخيرة، وأحتاج لمساعدتك.”
  3. قدم أمثلة محددة: وضح كيف تؤثر هذه المشكلات على أدائك في العمل من خلال أمثلة محددة مثل صعوبة التركيز، تقلب المزاج، أو مشاكل في النوم.
  4. اقترح حلولًا: بعد شرح الوضع اقترح بعض الحلول المحتملة مثل أخذ إجازة قصيرة، تخفيف عبء، العمل عن بعد لفترة، أو الحصول على إرشاد مهني.
  5. كن منفتحاً للنقاش: استمع إلى مدخلات المدير واستعد للإجابة على الأسئلة وتقديم المزيد من التفاصيل إذا لزم الأمر. كن منفتحاً للحلول البديلة التي قد يقترحها.
  6. اطلب السرية: أكد على أهمية الحفاظ على سرية هذا الموضوع، لأنه يتعلق بصحتك الشخصية.
  7. شكر المدير: بغض النظر عن الحل النهائي، اشكر مديرك على استعداده للاستماع ومساعدتك في هذا الموقف الصعب.

التواصل الفعال والصادق مع المدير هو الخطوة الأولى نحو الحصول على الدعم المناسب في مكان العمل. تذكر أن صحتك النفسية مهمة وأنه لا عيب في طلب المساعدة عندما تحتاجها.

الخاتمة 

الاستثمار في الصحة النفسية للموظفين هو استثمار في نجاح وازدهار المؤسسات والمجتمعات ككل. لذلك لنتعاون جميعًا لجعل أماكن عملنا بيئات آمنة ومحفزة، حيث يمكن للجميع أن يزدهروا ويحققوا أقصى إمكاناتهم. كما يجب على أصحاب العمل والإدارات أن يلعبوا دورًا رئيسياً في تعزيز الثقافة الصحية العقلية في أماكن العمل، من خلال تبني سياسات وبرامج تدعم رفاهية الموظفين وتمكنهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.

المراجع 

1.Top tips for staying mentally healthy at work

2.Tips To Improve Your Mental Health at Work

3.How to support mental health at work

 

Shares

مقالات ذات صلة

كيف تدير عملية التسريح من العمل؟

الدوران الوظيفي: مفهومه، وأنواعه، وأسبابه

كيف تعتني بنفسك في بيئة العمل السامة؟

error: Content is protected !!
We use cookies to improve your experience on our website. By browsing this website, you agree to our use of cookies.

تسجيل الدخول

إنشاء حساب

كلمة سر منسية