يُعد التسرب الوظيفي أو دوران الوظيفة الخارجي من أكبر التحديات التي تُواجه أصحاب العمل، إذ يُسبب نوعًا من انعدام الاستقرار في المؤسسة، ويستنزف باقي الموظفين في وظائفهم، كما أنّه مؤشر على خلل في الإدارة والقدرة التشغيلية والهيكلة العامة في الشركة، وفي هذا المقال ستتعرف طرق بسيطة لتقليل معدل التسرب.
إنّ التسرب في الوظيفة قد تعود أسبابه إلى عوامل طوعية تكون بإرادة الموظف نفسه نتيجة استنزافه وعدم قدرته على الإكمال أو وصوله إلى سن التقاعد أو حصوله على وظيفة أُخرى في مكان عمل آخر، وعوامل غير طوعية تكون بإجبار من الشركة نتيجة ترهل إداري ومشكلات هيكلية، وكيفية تقليل معدل التسرب يكون عبر الآتي:
تُشير ثقافة الشركة إلى المعتقدات والمبادئ التي تُشكل ركائز ثابتة، وتتقاطع مع الأهداف والرؤية والرسالة التي تُؤمن بها المؤسسة، وهذا له تأثير على أداء الموظف، إذ يُشير إلى إيجابية مكان العمل أو سلبيته، فإذا كان كانت الثقافة صحيةً ومشجعةً سيبذل الموظفون قصارى جهدهم وابتكار أساليب جديدة لتحقيق أفضل النتائج.
أمّا إذا كانت بيئة العمل سامةً وسلبيةً، فهذا سيجعل الموظف يشعر بالاستنزاف الوظيفي، ويُفقده التركيز على التطور وأداء العمل على أكمل وجه، لذلك يجب على الشركة أن تعمل على تطوير ثقافتها، وإدراك أهميتها في تعزيز الولاء الوظيفي والانتماء لبيئة العمل، فهو مفتاح النجاح وأحد دعائم وأساسات المؤسسة، إلى جانب أثره على تحسين الإنتاجية والاهتمام بالجودة.
إنّ الاحتفاظ بالموظفين هي استراتيجية يقوم بها المتخصصون في الموارد البشرية، إذ تتضمن مجموعةً من العمليات والخطوات، هدفها تقليل معدل التسرب الوظيفي أو مخاطره؛ هذا لأنّه يُؤثر على إنتاجية الشركة وتقدمها، لذلك يتم إعادة النظر بعملية التوظيف والاحتفاظ بالموظفين، مثل: ابتكار برامج تدريبية والاستثمار العاطفي بهم، من خلال التركيز على الولاء الوظيفي.
اقرأ أيضًا: الاحتراق الوظيفي: كيف تقضي وظيفتك على حياتك؟
يُمكن لتقليل معدل دوران الوظيفة الخارجي هو تحديد أسباب دوران العمالة الداخلي والخارجي، والذي يُسبب عدم استقرار في بيئة العمل، ويُؤدي إلى الاحتراق الوظيفي أو الإرهاق الوظيفي، لذلك البحث في أسباب التسرب من خلال جمع البيانات والمعلومات، ومحاول إيجاد حل للمشكلات بالتعاون مع قسم الموارد البشرية سيكون له الفضل في منح الإدارة نظرة ثاقبة وواقعية حول الوضع الحالي والمستقبلي لأعمالها.
يُمكن يُؤدي تجاهل شكاوى الموظفين حول مشكلة ما أو عدم الاستجابة لمطلب مهم إلى شعورهم بالتهميش وعدم تقديرهم، إذ ينتهي الأمر بهم للاستقالة، حيث يُعتبر تجاهل الموظف مؤشرًا على بيئة العمل السامة، ويُؤثر ذلك على الأداء العام، وبالتالي ستتأثر أيضًا سمعة الشركة.
مثال على ما سبق: شكوى من أحد الموظفين بخصوص تعامل المدير المباشر بشكل سيئ، مما يُسبب مشكلات إدارية، فهذا الأمر جدير بالاهتمام، وإذا لم يتم الاهتمام به، سيضطر الموظف لتقديم استقالته، وبهذا تخسر الشركة موهبة مهمة، فهناك مقولة شهيرة تقول: “الناس لا يُغادرون أعمالهم، ولكن يُغادرون مدراءهم“.
من الأسباب الشائعة وراء ارتفاع معدل التسرب الوظيفي أو الدوران الخارجي هو عدم وجود نظام تقدير ومكافأة مناسب، إذ إنّ الموظف بحاجة إلى الشعور بالتقدير والإشادة بعمله، لذلك تُعتبر الحوافز المادية والمعنوية أمرًا هامًا جديرًا بالاهتمام من قِبل الإدارة بالتعاون مع قسم الموارد البشرية، وأهم النصائح التي تُقدم في هذا الصدد ما يأتي:
اقرأ أيضًا: 8 أسباب لمشكلة التسرب الوظيفي
إنّ تقييم أداء الموظفين يُساعد في تعزيز دافعيتهم، هذا لأنّه سيُزودهم بتغذية راجعة حول عملهم، ويُبرز نقاط القوة والضعف لديهم، ويُسهم في رضا الموظفين، لذلك يجب اعتماد نظام تقييم شامل، وتزويد الموظفين سنويًا بمستوى أدائهم كل في الوظيفة التي يشغلها، حتى لو كان الموظف يُؤدي أداءً جيدًا، فإنّه سيبقى بحاجة إلى تقييم؛ ليشعر بالجدية.
من التوجهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية والتي تُساعد في التقليل من معدل التسرب الوظيفي أو الدروان الخارجي، هو توفير المرونة في العمل، حيث يطمح كل موظف في الوظيفة التي يشغلها بأنّه قادر على الموازنة ما بين الحياة الشخصية والعملية، فهذا سيُساعده في الاستقرار المهني وعدم التفكير بترك بيئة العمل.
كما أشارت دراسة أجراها مركز كلية بوسطن للعمل والأسرة أنّ 76% من المديرين و80% من الموظفين أشاروا إلى أنّ اعتماد نظام العمل المرن كان له آثار إيجابية على الاحتفاظ بهم، وهذا يعني إذا لم تستطع تحقيق المرونة في العمل، فسيكون هناك احتمال كبير بأن يترك الموظفون أعمالهم.
يجب على الإدارة في الشركة قياس مؤشر رضا الموظفين، لتحديد شعورهم نحو وظائفهم، وذلك من خلال عمل استبيانات واستطلاعات حول رأي الموظفين في عدد من القضايا وطرح عليهم أسئلة مثل الآتي:
إنّ دعم الشركة لنظام العمل الجماعي ضمن أفرقة، يُساعد في تحفيز الموظفين وإثارة دوافعهم، إلى جانب تبادل الخبرات العملية وتعزيز التواصل الإيجابي، وهذا سيكون سببًا للحد من معدل التسرب الوظيفي في بيئة العمل، إذ إنّ من الأسباب التي قد تُؤدي إلى التسرب في الوظيفة هو عدم تبادل الخبرات مع الموظفين، وبالتالي يفقد الموظف الأمل ويضطر للرحيل.
اقرأ أيضًا: الدوران الوظيفي: مفهومه، وأنواعه، وأسبابه
في ضوء ما سبق، من مميزات التشجيع على العمل الجماعي ضمن أفرقة ما يأتي:
إنّ التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم يُحتّم على الشركات مواكبته، وبهذا يشعر الموظف بأنّ مكان العمل في تطور دائم، ومن خلال ذلك ستكون هناك فرصة أكبر لزيادة المرونة وتحسين رضا الموظفين والعملاء، ومن الأمور التي يجب العمل على أتمتتها والتأكد من أنّها مدعومة بشكل صحيح ما يأتي:
إنّ التسرب الوظيفي أو دوران الوظيفة الخارجي هو معضلة حقيقية في الشركات، إذ لها مخاطر جسيمة على مستوى التقدم الشركة، وكيفية التعامل معها بشكل بسيط يكون من خلال تطوير ثقافة الشركة بما يتناسب مع الأهداف، ووضع استراتيجيات الاحتفاظ بالموظفين وتحديد أسباب دوران العمالة، والانتباه إلى شكاوى الموظفين ومتطلباتهم.
إلى جانب أهمية التركيز على تقدير جهود الموظفين ومكافأتهم، وتقييم أداء الموظفين، وتوفير المرونة ليستطيع الموظف الموازنة بين الحياة العملية والشخصية، وحساب مؤشر رضا الموظفين، والتشجيع على العمل الجماعي، والاهتمام بأتمتة العمليات.
مقالات ذات صلة