كيف تتوقف عن أن تكون مهووساً بأخطائك؟

هل وجدت نفسك يوماً تعيد استحضار المواقف التي كنت تتمنى أن تؤدي فيها بشكل مختلف؟ كأن تتمنى لو لم تقل كلاماً معيناً؟ أو تتمنى أن تكون قد تطوعت لهذا المشروع الذي نال من عمل عليه مكافآت مجزية؟ أو تمنيت لو تكلمت عن شيء ما؟

الهوس بالأخطاء
جدول المحتويات

الإفراط في التفكير بهذه الطريقة يسمى اجترار الأفكار “Rumination”؛ ففي حين نقلق بشأن ما قد يحدث في المستقبل، فإنَّنا نفكر ملياً في الأمور التي حدثت بالفعل. غالباً ما يثير اجترار الأفكار لحدث ما ذكريات مماثلة من الماضي، وذلك مع التركيز غير المثمر على الفجوة بين الذات الحقيقية والمثالية؛ فتبدأ بتأنيب نفسك لأنَّك لم تكن منظماً أو طموحاً أو ذكياً أو منضبطاً.

اجترار الأفكار ليس مجرد أمر مزعج؛ إذ إنَّه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضعف حل المشكلات والقلق والاكتئاب، والخبر السار هو أنَّ هنالك حلولاً فعالة لإخراج نفسك من هذا المأزق، وهي أبسط مما تعتقد.

حدد أكثر الأمور التي تدفعك إلى هذا الشعور: 

لا يمكنك إيقاف اجترار الأفكار إذا لم تلاحظ أنَّك تفعل ذلك، لكنَّ الناس لا يستطيعون دائماً اكتشاف ذلك بأنفسهم؛ وللتحسن في هذا الأمر، يجب التفكير فيما أثارك في الماضي. 

قد تبدو قائمتك على النحو التالي:

  • التعاون مع أشخاص لا أثق بهم.
  • التواجد مع أشخاص يبدون أكثر ذكاءً أو طموحاً.
  • أخذ خطوة متقدمة في مسيرتي المهنية.
  • اتخاذ قرارات مالية كبرى.

لاحظ ما إذا كان نمط اجترار الأفكار السائد هو لوم نفسك أم لوم الآخرين؛ إذ تميل معظم هذه الأفكار نحو نمط من بين هذين الاثنين.

ضع حدوداً نفسية بينك وبين الأمور التي تفكر فيها:

عليك أن تضع مسافة نفسية بينك وبين الأشياء التي تفكر فيها؛ فعلى سبيل المثال؛ قد تشعر بالقلق حيال الطريقة التي ينظر بها إليك الأشخاص الذين ليس لديهم تأثير في نجاحاتك، أو بسبب عدم قدرتك على دفع مبالغ صغيرة جداً، أو قد ترى نفسك غير قادر على الإنجاز؛ وذلك على الرغم من حقيقة أنَّك تُبلي بلاءً حسناً. 

وللحصول على هذه المسافة النفسية الآمنة، يمكن تصنيف ما يدور في خُلدك بصفته أفكار ومشاعر، وهو تكتيك موصوف يتعلق بالمرونة العاطفية؛ لذا بدلاً من قول: “أنا غير ملائم”، يمكنك أن تقول: “أشعر أنَّني غير ملائم”. يمكنك حتى أن تكون أكثر رقة حيال نفسك؛ كأن تدرك أنَّك تعيش حالة من اجترار الأفكار.

اقرأ أيضًا: قواعد العمل التي تدفع الموظفين لترك وظائفهم

يمكن أن يساعدك التعرف على العبثية في بعض ردود أفعالك على التعامل معها بجدية أقل؛ هل تتوقع أن تعترض الأمور طريقك دائماً؟ هل تميل إلى الاعتقاد بأنَّ الناس يدققون في تصرفاتك، بينما هم في الواقع لا يفعلون ذلك؟ هل تقضي الوقت في مقارنة نفسك بنجوم الأعمال أو المشاهير؟ 

يمكن أن يشير الاستحقاق “Entitlement” وحمل الأمور على محمل شخصي إلى أنَّك تميل إلى الاعتقاد بأنَّك “مركز الكون”. وإذا كان ذلك ممكناً، فحاول أن ترى المفارقة في كونك نرجسياً وغير واثق من نفسك على حد سواء، بدلاً من النظر إلى الأمر بمثابة بضعة اتهامات تلقيها على نفسك. ليس كل حالة لاجترار الأفكار تناسب هذه الاستراتيجية، لكن اكتشف أياً منها مناسب.

التفريق بين اجترار الأفكار وحل المشكلات
التفريق بين اجترار الأفكار وحل المشكلات

فرِّق بين اجترار الأفكار وحل المشكلات:

من حين لآخر، قد يكون لديك رؤية مفيدة في أثناء اجترار الأفكار، لكنَّها تكون في الغالب حالة من حماية الذات. بشكل عام، كلما زاد اجترار الناس لأفكارهم، قلت فاعليتهم في حل المشكلات؛ وذلك إما لكونهم لا يفكرون في الحلول، أو لأنَّهم لا يتابعونها بسرعة أو بشكل فعال. 

على سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أنَّ النساء اللواتي يعانين من اجترار كثيف للأفكار استغرقن أكثر من شهر للحصول على الرعاية الطبية بعد العثور على كتلة في الثدي. 

وللانتقال من حالة اجترار الأفكار إلى تحسين وضعك، اسأل نفسك: “ما هو الخيار الأفضل الآن بالنظر إلى حقيقة الموقف؟”. ابدأ بخطوة واحدة، حتى لو لم تكن أكثر الأمور المنطقية التي يمكنك القيام بها. تناسب هذه الاستراتيجية من يبحثون عن الكمال؛ فإذا كنت تفكر ملياً في خطأ ارتكبته، فتبنَّ استراتيجية تقلل من احتمالية حدوث ذلك الخطأ مرة أخرى.

اقرأ أيضًا: لكل موظف: 11 طريقة لتطوير ذاتك في العمل

درب عقلك لكيلا يتذكر الأمور المزعجة: 

بمجرد أن تلاحظ أنَّك تجتر أفكارك، حاول تشتيت انتباهك لبضع دقائق. وانخرط في نشاط قصير يتطلب تفكيراً، ولكنَّه لا يكون صعباً للغاية، مثل قضاء 10 دقائق في ملء تقرير النفقات. 

يجب أن يكون النشاط الذي تختاره نشاطاً يتطلب منك التركيز. في بعض المواقف، قد تتمكن من إعادة تركيز انتباهك على ما يفترض أن تقوم به فعلياً؛ كأن تفكر: “كيف يمكن لشيء بهذه البساطة أن يساعد في حل مشكلتي العاطفية المعقدة؟”؛ لكنَّ هذه الاستراتيجية يمكن أن تكون فعالة بشكل لا يصدق.

يمكن للنشاط البدني – مثل الركض أو المشي – أن يهدئ أيضاً العقل المعرَّض لاجترار الأفكار. يمكن أن يكون التأمل أو اليوجا مفيداً بشكل خاص في حماية نفسك من الأفكار السلبية، وتعلُّم عدم التفكير فيها بشكل مفرط. 

تتطلب منك هذه الممارسات أن تنتبه عندما يفكر عقلك في الماضي أو المستقبل ويعيده إلى ما يحدث في الوقت الحاضر (غالباً ما يكون ذلك تنفسك أو أحاسيس أخرى في جسمك أو محيطك الخارجي). وهذه بالضبط هي المهارة التي تحتاجها للتعامل مع لحظات اجترار الأفكار.

تحقق من تفكيرك بحثاً عن أخطاء محتملة: 

في بعض الأحيان يكون اجترار الأفكار بسبب أخطاء في التفكير. النقطة الهامة هي أنَّه من غير المحتمل أن تقدر بشكل جيد على اكتشاف التفكير المشوه عند اجترار الأفكار، نظراً لأنَّه يشوش على التفكير العقلاني. يكمن الحل في تطوير فهم جيد للأخطاء النموذجية في طريقة تفكيرك في لحظات الهدوء، وذلك لتظل قادراً على التعرف إليها عندما تشعر بأنَّ مشاعرك تُثقلُ عليك.

اقرأ أيضًا: كيف تحقق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟

تشمل الأخطاء المعرفية الشائعة الأخرى وضع توقعات ذاتية عالية جداً، وإساءة تفسير توقعات الآخرين منك، والتقليل من مدى معاناة الأشخاص الأذكياء الآخرين مع ما يزعجك، أو كما يقول المثل الشعبي: “أن تعمل من الحبَّة قبة”؛ فإذا كنت تفكِّر في سلوك شخص آخر وتنسب لنفسك سبباً لذلك السلوك، فعلى الأقل فكر في أنَّ تفسيرك خاطئ، وحاول أن تتقبل أنَّك قد لا تعرف الحقيقة أبداً. 

إنَّ إدراك أنَّنا في كثير من الأحيان لا نفهم أسباب سلوك شخص آخر هو مهارة بالغة الأهمية في الحد من اجترار الأفكار؛ وقبل أن تتمكن من الخروج من هذه الحالة، يجب أن تكون أكثر وعياً بتوقيت قيامك بذلك، وأن تمتلك استراتيجيات جاهزة تمكِّنك من مقاومة هذه الحالة؛ فقط اعلم أنَّ هذا الأمر يستغرق وقتاً ويتطلب جهداً؛ لكن من الهام – لصحتك العقلية وإنتاجيتك – أن تحاول القضاء عليه في مهده؛ لذا، قبل أن تتيه في دوامة “كان من المفترض، ويجب أن يكون، كان من الممكن أن يكون”؛ جرِّب واحدة من هذه الاستراتيجيات المذكورة في هذا المقال.

المصدر

Shares

مقالات ذات صلة

مهارة التفاوض: مهارة مهمة للنجاح في العمل

كيف تجعل من البهجة أولوية في مكان العمل؟

لكل موظف: 11 طريقة لتطوير ذاتك في العمل

error: Content is protected !!
We use cookies to improve your experience on our website. By browsing this website, you agree to our use of cookies.

تسجيل الدخول

إنشاء حساب

كلمة سر منسية