تُعتبر الصحة النفسية قضية حيوية وملحة في ظل التحديات والأحداث العالمية الراهنة. فقد أصبح الحفاظ على الرفاهية النفسية والعقلية أمرًا لا غنى عنه للعديد من الأشخاص أكثر من أي وقت مضى. لذلك، تسعى المنظمات والاتحادات الصحية العالمية إلى نشر الوعي بأهمية الصحة النفسية وتبادل استراتيجيات الدعم النفسي والاجتماعي في اليوم العالمي المخصص لهذا الحدث.
في هذا السياق، أصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا دراسة شاملة وحصرية توفر بيانات وإحصاءات دقيقة على المستوى العالمي حول الوضع الراهن للصحة النفسية. تهدف هذه الدراسة إلى تزويد المؤسسات والهيئات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بالمعلومات والأدوات اللازمة لمعالجة قضايا الصحة النفسية والرفاهية العقلية بطريقة أكثر فعالية وكفاءة.
من خلال هذه الجهود المتضافرة، تأمل المنظمات الصحية العالمية في رفع مستوى الوعي وتعزيز قدرات المجتمعات لمواجهة التحديات النفسية والعقلية بشكل أفضل. فالصحة النفسية هي أساس رفاهية الإنسان وتمكينه من العيش حياة كريمة وإنتاجية.
الصحة النفسية هي حالة التوازن والاتزان التي تمكننا من العيش حياة هانئة وإيجابية. فهي ليست مجرد غياب أثناء المرض، بل هي قدرتنا على التعامل بفاعلية مع متطلبات الحياة اليومية والتحديات التي تواجهنا، والتمتع بعلاقات إنسانية سليمة، وتحقيق الذات والنمو الشخصي.
تتأثر صحتنا النفسية بعوامل متعددة، منها البيئة المحيطة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، والعلاقات الشخصية، وأساليب التعامل مع الضغوط. لذلك فهي تتقلب وتتغير مع تغير هذه العوامل و مراحل الحياة المختلفة.
في بعض الأوقات، قد نشعر بعدم القدرة على التكيف مع الضغوط والتحديات، وهنا تأتي أهمية اكتشاف هذه المشاعر مبكرًا والحصول على الدعم اللازم. فكلما تمكنا من التعرف على المشكلات النفسية في وقت مبكر، كلما زادت فرص التعافي واستعادة التوازن النفسي.
لا ينبغي أن ننسى أن الصحة النفسية هي حق لكل إنسان، ومسؤولية تقع على عاتق المجتمع بأسره. لذا لنتعاون جميعًا لخلق بيئة داعمة وآمنة تساعدنا على تحقيق أقصى إمكانياتنا والحفاظ على رفاهيتنا العقلية والنفسية.
اقرأ أيضا: 8 طرق للحفاظ على موظفيك من الشعور بملل العمل
لا تخلو حياة أي إنسان من التقلبات والضغوطات النفسية، فالشعور بالإحباط أو التوتر أو القلق أمر طبيعي ومؤقت في معظم الأحيان. لكن في بعض الحالات قد تتطور هذه المشاعر لتصبح مشكلات صحية عقلية حقيقية، كالاكتئاب أو اضطرابات القلق، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على حياتنا اليومية وأدائنا الوظيفي والاجتماعي.
وهناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمشكلات الصحة العقلية، كالفقر والظروف الاجتماعية الصعبة، والعوامل الوراثية، وصدمات الطفولة، والتعرض للتمييز أو الإساءة، إضافة إلى الإصابة بأمراض مزمنة أو معقدة. إلا أن ذلك لا يعني أن مشكلات الصحة العقلية مقتصرة على فئة معينة، فهي يمكن أن تطرأ على أي شخص.
وفقاً للإحصائيات، فإن غالبية الناس لديهم تجربة مباشرة أو غير مباشرة مع مشكلات الصحة العقلية، حيث يعاني واحد من كل ستة أشخاص في إنجلترا من أعراض مشكلة صحية عقلية في أي أسبوع معين. كما أن الإصابة بمشكلات صحية عقلية طويلة الأمد يمكن أن تقلل من متوسط العمر المتوقع بما يصل إلى 21 عاماً بسبب المشاكل الصحية الجسدية المرتبطة بها.
من المهم إدراك أن مشكلات الصحة العقلية المختلفة تؤثر على الأشخاص بطرق متباينة، ولا يمكن اختزال تجربة الشخص في تشخيص محدد. فالبعض ممن يعانون من الفصام قادرون على إدارة حالتهم بشكل جيد، في حين قد يتأثر البعض الآخر الذين يعانون من القلق بشكل كبير. لذا يجب التعامل مع كل حالة على حدة وفهم تجربة الشخص الفريدة.
الحفاظ على صحتك النفسية في مكان العمل أمر بالغ الأهمية لضمان إنتاجيتك وسعادتك. فيما يلي بعض النصائح الرئيسية التي يمكن أن تساعدك على ذلك:
لا تهمل استراحة الغداء المخصصة لك، فهي فرصة لإعادة شحن طاقتك وتجديد نشاطك. استخدم هذا الوقت لتناول وجبة صحية، والاسترخاء، وممارسة بعض التمارين البسيطة أو القراءة. ستشعر بمزيد من الإنتاجية والتركيز عند عودتك إلى العمل.
إذا كان الجو مناسبًا، اخرج في نزهة قصيرة مع زملائك، أو انضم إلى نشاط جماعي كلعب كرة القدم أو التنزه في حديقة قريبة. التواجد في الهواء الطلق يساعد على تجديد نشاطك وتحسين حالتك المزاجية.
سجّل نفسك مع زملائك في سباق جري أو مشي ترعاه منظمة محلية. التدرب معًا خلال استراحات الغداء سيعزز روح الفريق والإنجاز الجماعي عند إكمال التحدي.
عندما تشعر بالتوتر أو الإرهاق، استمع إلى أغنية هادئة ومريحة لبضع دقائق. الموسيقى البطيئة والهادئة يمكن أن تساعدك على الاسترخاء وتقليل القلق، بينما تحجب الضوضاء المشتتة من حولك.
اقرأ أيضاً: كيف تعتني بنفسك في بيئة العمل السامة؟
لا تسمح للعمل بأن يستحوذ على حياتك بالكامل. حدد حدودًا واضحة بين العمل والمنزل، واستغل وقت التنقل للاسترخاء وممارسة هواياتك. ساعات العمل الطويلة قد تؤثر سلباً على تركيزك وإنتاجيتك وصحتك.
في نهاية كل يوم، راجع قائمة مهامك وحدد الأولويات لليوم التالي. كتابة الأفكار على الورق يمكن أن يساعدك على عدم التفكير في العمل طوال الوقت.
إذا شعرت بأن عبء العمل يفوق قدراتك، تحدث إلى مديرك أو فريق الموارد البشرية أو ممثل النقابة العمالية. لا تتردد في طلب المساعدة لحل المشكلات المتعلقة بالأهداف المنظمة، أو مشاكل التنظيم، أو المواعيد النهائية الضاغطة.
تذكر أن صحتك النفسية هي الأساس لأدائك المثالي في العمل. لذلك، حافظ على ممارسة هذه النصائح واستراتيجيات الاسترخاء والتوازن بانتظام، وستلاحظ التحسن في مزاجك وإنتاجيتك وجودة حياتك بشكل عام.
سنقوم بالإجابة على بعض الأسئلة الشائعة وأهمها ما يلي:
يُعتبر الاعتناء بالصحة العقلية أثناء العمل أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب:
لذلك، من المهم جدًا أن نولي اهتمامًا خاصًا لصحتنا العقلية أثناء العمل، وأن نتبع استراتيجيات لإدارة الضغوط والحفاظ على توازننا النفسي. فهذا سيساعدنا على تحقيق النجاح والرضا في حياتنا المهنية والشخصية على حد سواء.
اقرأ أيضاً: بيئة العمل السامة مقابل بيئة العمل الصحية
مكان العمل الصحي عقليًا هو البيئة التي تعزز الصحة النفسية للموظفين وتدعمها. ويتميز بالخصائص التالية:
بشكل عام، يعتمد مكان العمل الصحي عقليًا على بيئة تقدر الموظفين وتلبي احتياجاتهم، مما يخلق جوًا إيجابيًا ومنتجًا ويقلل من مخاطر الإجهاد والاحتراق الوظيفي. وهذا بدوره يعزز الرفاهية العامة والأداء المهني للموظفين.
يُعتبر التواصل مع المدير حول المشكلات النفسية التي تواجهها أمرًا صعبًا ودقيقًا، لكنه ضروري للحصول على الدعم المناسب. فيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها:
التواصل الفعال والصادق مع المدير هو الخطوة الأولى نحو الحصول على الدعم المناسب في مكان العمل. تذكر أن صحتك النفسية مهمة وأنه لا عيب في طلب المساعدة عندما تحتاجها.
الاستثمار في الصحة النفسية للموظفين هو استثمار في نجاح وازدهار المؤسسات والمجتمعات ككل. لذلك لنتعاون جميعًا لجعل أماكن عملنا بيئات آمنة ومحفزة، حيث يمكن للجميع أن يزدهروا ويحققوا أقصى إمكاناتهم. كما يجب على أصحاب العمل والإدارات أن يلعبوا دورًا رئيسياً في تعزيز الثقافة الصحية العقلية في أماكن العمل، من خلال تبني سياسات وبرامج تدعم رفاهية الموظفين وتمكنهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.
1.Top tips for staying mentally healthy at work
2.Tips To Improve Your Mental Health at Work
3.How to support mental health at work
مقالات ذات صلة